من هي دول أمريكا اللاتينية التي قطعت علاقتها الدبلوماسية مع اسرائيل وسحبت سفرائها دعماً لفلسطين ؟
الاثنين 13 نوفمبر 2023 الساعة 20:46
اليمن السعيد - بي بي سي
قطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على سقوط ضحايا من المدنيين في غزة، واستدعت كولومبيا سفيرها لدى إسرائيل، وكذلك فعلت تشيلي للسبب نفسه. هذه التحركات لم تأت من دول ٍعربيةٍ معنيةٍ أكثر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على عكس توقعات شعوبها، فما الذي يجعل دول أمريكا اللاتينية تفعل ما لم يفعله العرب تجاه غزة؟
وقال نائب وزير الخارجية البوليفي، فريدي ماماني، في مؤتمر صحفي: "قررت بوليفيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل"، مضيفاً أنّ "بوليفيا تدين الأعمال العدوانية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتعتبرها تهديداً للسلام والاستقرار الدوليين". في اليوم التالي، اتهمت إسرائيل بوليفيا "بالاستسلام للإرهاب ونظام آية الله في إيران"، في إشارة إلى حركة حماس الفلسطينية والنظام الإيراني الداعم لها. وقللّت إسرائيل من أهمية الخطوة، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها إنّ العلاقات بين الدولتين كانت "فارغة من أي مضمون" على أية حال.
وبعد ساعاتٍ من قطع بوليفيا علاقاتها مع إسرائيل، استدعت كولومبيا سفيرها لدى إسرائيل للتشاور بسبب التصعيد المستمر في القطاع المحاصر. وكتب الرئيس الكولومبي، غوستابو بيترو، في رسالة على موقع إكس (تويتر) يوم الثلاثاء: "قررت استدعاء سفيرنا لدى إسرائيل. إذا لم توقف إسرائيل المذبحة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني فلن نتمكن من البقاء هناك". واستدعت حكومة تشيلي سفيرها أيضاً، يوم الثلاثاء، بعد ما وصفتها بأنها "انتهاكات إسرائيلية للقانون الإنساني الدولي" جراء هجماتها على قطاع غزة، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "تدين تشيلي بشدة وتراقب بقلق بالغ هذه العمليات العسكرية". كما دعت إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وقالت وزارة الخارجية في تشيلي، في بيان منفصل، إنها تدفع من أجل تطبيق حل الدولتين لإنهاء الصراع. ودعت دول أخرى في أمريكا اللاتينية، من بينها البرازيل والمكسيك، إلى وقف إطلاق النار، وقال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الجمعة الماضية، إنّ "ما يحدث الآن هو جنون من رئيس وزراء إسرائيل الذي يريد محو قطاع غزة". وأضاف دا سيلفا "أن ترتكب حماس عملاً إرهابياً ضد إسرائيل لا يعني أن على إسرائيل أن تقتل ملايين الأبرياء". كما أدانت فنزويلا "جرائم الإبادة الجماعية" التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وجددت دعوتها للتوصل إلى وقف فوريٍ لإطلاق النار، والبحث عن حلولٍ فوريةٍ استناداً لقرارات الأمم المتحدة من أجل إحلال السلام.
ويضيف: "في البداية أدانت دول أمريكا اللاتينية هجوم حماس باعتباره عملاً تخريبياً غير مقبول من الحكومات أو الشعوب، لكن بعد قصف إسرائيل للأحياء السكنية والمستشفيات وسقوط نحو 9000 قتيل وأكثر من 20 ألف مصاب تبدلت النظرة، لأن ما يحدث أمرٌ بشعٌ من الناحية الإنسانية". "مع استمرار الحرب اتضح أنّ إسرائيل لا تنتقم من حماس، بل تنتقم من المدنيين وتقصف مستشفياتٍ وكنائس ومساجد ومبانٍ سكنية، ولأن الشعوب هنا حرة نجدهم يؤيدون الفقراء والمضطهدين ومن يتعرضون للظلم، الذي ذاقوه هم في الماضي القريب". صعود الأحزاب اليسارية
يقول: "كل هذه الدول تحكمها حكوماتٌ يساريةٌ نجحت في الانتخابات الأخيرة، أصبح اليسار العالميّ ذا موقفٍ قويٍ متعاطفٍ ومؤيدٍ للحق الفلسطيني". ويضيف: "بينما صعدت أحزاب يمينيةٌ مؤخرا في أوروبا، صعدت أخرى يساريةٌ في أمريكا اللاتينية. وعلى الرغم من أنّ إسرائيل نجحت على مدار فترة ليست بالقصيرة في تسويق مزاعمها بين اليسار العالمي - حين حكمتها أحزابٌ يسارية مثل حزب العمل – وكان اليسار متعاطفًا مع قضية اليهود باعتبارها قضية تحرر، إلا أنّ الأمر قد تبدل الآن". ويتابع: "انحرفت إسرائيل نحو حكوماتٍ يمينيةٍ متطرفة، وأصبح اليسار العالمي الجديد ينظر إليها باعتبارها جزء من ظاهرة الاستعمار، الذي تراه أمريكا اللاتينية سبباً في إفقار واضطهاد شعوب العالم الثالث والسكان الأصليين". وتمثل قضية استعادة السكان الأصليين لحقوقهم أساساً في الفكر اليساري، لأنّ الشعوب الأصلية في دول أمريكا اللاتينية تعرضت لمحاولات الإبادة، وهذا يتشابه بدرجة ما مع القضية الفلسطينية وفقا لـ عبدالجواد. جاليةٌ عربيةٌ كبيرة
وينطبق هذا الوجود أيضاً على البرازيل التي "توجد فيها مدينة (فلوريانابوليس) جنوبيّ البلاد، والتي سُميّت تيمُنًا بمدينة نابلس الفلسطينية وبها جالية عربية وفلسطينية قوية، وتوجد جالية لبنانية ضخمة في ولاية ساوباولو كذلك". بُعد المسافة القاعدة الأساسية هي أنه كلما بعدت الدولة عن مركز الصراع، كلما أعطاها ذلك مزيداً من حرية الحركة. هذا ما يلخصه جمال عبدالجواد، فدول أمريكا اللاتينية لديها ميزة، وهي أنها تقع على بعد آلاف الأميال من الحرب الدائرة في غزة، وبذلك لا تمثلُ الحربُ عليها أي ضغطٍ عسكري أو اقتصادي أو غيره، على خلاف الدول المرتبطة مباشرة بالصراع والمتاخمة لحدوده. ويقول: "وضع مصر على سبيل المثال بالغ الدقة والتعقيد، وعليها أن تتصرف بحذرٍ لأنها متاخمةٌ لبؤرة النار المشتعلة في غزة، والأمر يتطلب منها ما هو أكبر من مجرد اتخاذ موقف". ويلعب الوضع الاقتصادي أيضاً دوراً في حرية الحركة تلك لأنه "كلما كان لدى الدولة فائضٌ اقتصاديٌ كبير، وكانت أقل اعتماداً على القروض والمساعدات الخارجية زادت حريتها في الحركة". وعلى الرغم من ذلك، يرى أن مواقف دول أمريكا اللاتينية قد تمثل حرجاً للدول العربية أمام شعوبها، خاصةً التي تبتعد في المسافة نسبياً عن الصراع والتي لديها أدوات للضغط والمناورة لوقف الحرب. ما جدوى هذه المواقف على الأرض؟
"بالطبع لن يعيد ذلك وحده الحق الفلسطيني، لكنه مفيد جدا في هذا الاتجاه ومن ثم ينبغي تعزيزه والبناء عليه، لا بد من التواصل مع الرأي العام العالمي والأحزاب اليسارية المؤيدة للحق الفلسطيني، في أماكن مختلفة من العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية، لتعزيز مواقفها وتشجيعها لأن ذلك سيخدم القضية الفلسطينية على المدى الطويل". ويرى عبدالرحمن أبوحسنة أنّ الصوت القادم من أمريكا اللاتينية "قد يلعب دوراً في تحجيم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجعل إسرائيل منعزلة في هذا العمل، وإذا استمر العدوان في الأيام القادمة سيكون هناك مواقف أقوى من هذه الدول". |
أخترنا لكم
الأكثر زيارة
|