أ. محمد الدبعي
هزة قلم!. إستنساخ العدالة التركي!
طرح على صفحات الفيس سؤال: كيف أو هل يمكننا الإستفادة من تجربة حزب العدالة والتنمية التركي؟!
للإجابة على هذا السؤال لابد من مجابهة الحقائق والواقع المر للأحزاب الإسلامية جميعها في كل أرجاء الوطن العربي لأن السؤال الحقيقي هو هل نريد أن نكون أحزابا بناءة خادمة للوطن والمواطن، أم أننا نبحث عن شيء آخر؟؟
ثم نضع لأنفسنا سؤالا آخرا لا يقل أهمية عن سابقه وهو: لماذا نريد نقل تجربة حزب العدالة والتنمية التركي؟
فيجرنا السؤال إلى سؤال جديد: هل اعترفنا بفشلنا الحزبي وخطأ ممارساتنا السياسية الانتهازية العاطفية؟؟؟!
بعد أن نجيب عن تلكم الأسئلة نستطيع أن ننتقل إلى مناقشة فكرة حزب العدالة التركي وطريقة عمله.
أنا هنا لست بصدد مناقشة كيفية الإستفادة من الحزب التركي، لأن ذلك واضح وبين لمن يريد أن يستفيد، فالأمر لا يحتاج إلى جلسات نقاش ولا طاولات حوار، وإنما يحتاج إلى مصداقية قادة الأحزاب مع أنفسهم أولا، ومع أتباعهم ثانيا، ثم مع الوطن ثالثا في طرح الفكرة والعزيمة على التطور والإرادة في تنفيذ ذلك. بغير ذلك لا يجدي..
وأنا أقول هنا أنه: لا يمكن نقل تجربة الأتراك إلى الوطن العربي عامة، واليمن خاصة لعدة أسباب عميقة وقوية، إذ أنه لكي تنجح في تطبيق فكرة ما لابد لك أولا من التخلص من كل المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام ذلك المشروع، وإلا ستظل كالجمل معصوب العينين يدور حول رحى المعصرة، دون أن يفقه مايدور حوله. وربما تكون كالمنافق الذي يبطن مالا يظهر، فظاهر التصحيح الرحمة، وباطنه من قبل القيادات الزعامة والمصالح الشخصية والقبلية والجهوية والسلالية.
معوقات إستنساخ حزب العدالة في الوطن العربي بصفة عامة:
١. الإنغلاق الفكري في قوقعة "لا حل إلا بالإسلام".
٢. الإسلام في اوطاننا العربية يختلف كثيرا عن إسلام تركيا وأوروبا، فلا يسمح للعرب بالإنفتاح والإندماج مع غيرهم من الأفكار والرؤى، أو مواكبة المتغيرات الإجتماعية المستمرة.
إسلام العرب تشدد وتنطع وشكليات وتقليد للماضي.
بينما في تركيا إنفتاح وانعتاق من خزعبلات الماضي العربي، والتمسك بالماضي التركي، وفقه ميسر يتعايش مع العالم الغربي، ويتماهى معه في كثير من منطقه وتنوره.
٣. فشل السابقون وآخرهم التركي نجم الدين أربكان نفسه زعيم حزب السعادة (الأب الروحي للحركة الإسلامية التركية) لأنه سار على درب الأعراب، فلم يجدد خطابه أو سلوكه التصادمي مع غير الحلول الإسلامية، والرؤى المهيمنة على المشهد السياسي التركي والإقليمي والعالمي.
لكن حزب العدالة التركي بقياد اردوغان (تلميذ أربكان) سار في إتجاه مغاير تماما، معتمدا على فكرة النهوض بتركيا العلمانية أولا وبإسمها ودستورها القائم، وترك كل شعارات الإسلاميين جانبا. تفوق على أستاذه ولذلك نجح.
٤. حزب العدالة يصنف كحزب علماني ليبرالي محافظ إسلامي قومي تركي. أتعب أعداءه وأرهقهم فلم يستطيعوا إلغاءه من الحياة السياسية. أي أنه لعب على وتر العلمانية والإتحاد الأوروبي وأجاد اللعبة.
بمعنى أنه جمع بين جميع المتناقضات الفكرية دون تحيز أو استعلاء، وهذا الشيء قومنا الأعراب لا بطيقونه ولا يجيدونه.
٥. حزب العدالة والتنمية ركز على الإستثمار في الإعمار والبناء والنمو الإقتصادي، واتخذها سبيلا للوصول إلى قلوب الناس، الذين تقبلوه طواعية، فدافعوا عنه.
هذه كلها لا يمكن أن تحدث في عالمنا العربي المتخلف إسلاميا واجتهادا وفكرا.
أما ما يخص اليمن من معوقات فهي ترتكز على شيئين مهمين قاصمين للظهر:
أولهما: الطبقية والسلالية والمناطقية تحكم أكبر الأحزاب الإسلامية في اليمن - الإصلاح.
فالهاشمية قاصمة الظهر داخل الحزب، ثم القبلية المتعنجهة ذات النظرة الدونية لغيرها من خارج مناطق طوق صنعاء، تسيطر عليهم عقدة النقص الأوديبية!
ثانيهما: الإرتباط القبلي والسلالي الوثيق بين أنظمة الحكم الموجودة وبين قيادات الإصلاح، فهما يمثلان عملة واحدة بوجهين، ولا يمكن الفصل ببنهما. والدليل على ذلك انك تجد أفرادا من عائلة واحدة موزعة على حزب المؤتمر والإصلاح، وأخيرا في أنصار الله الحوثية الشيعية.
ثالثهما: الفكر المتحجر أكثر وأشد منه في البلاد العربية لأنه يعتمد على فقه الحلال والحرام، وغلق كل المساحات الوسطى بينهما. وهذا لا يساعد على المناورة، ولا يقدرون على التحرر منه لأنه يضبط لهم إيقاع الوصول إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، سواء فردية أو جماعية.
هذا بإختصار شديد.