انسداد القناة الدمعية
الأحد 21 يوليو 2013 الساعة 13:11
 

 
د. لؤي عبدالله محروس
جراحة القرنية الماء الأبيض طب العيون عند الأطفال
كلية الجراحين الملكية البريطانية لأطباء العيون
ندما يعاني المرء من انسداد القناة الدمعية، فإن الدموع لا تسيل بصورة طبيعية، مع العلم بأن انسداد القناة الدمعية ينتج من الانسداد الجزئي أو الكامل في نظام تصريف الدموع.
يعتبر انسداد القناة الدمعية أمراً شائعاً في المواليد الجدد، لكن هذه الحالة تتحسن دون أي علاج في السنة الأولى من العمر، أما في البالغين فإن انسداد القناة الدمعية ربما يكون ناتجاً من إصابة أو التهاب أو تورم.
ويعتبر علاج الانسداد في القناة الدمعية أمراً ممكناً في غالب الأحوال، ويعتمد العلاج على سبب الانسداد وسن المصاب.
الأعراض
قد تنتج العلامات والأعراض إما من انسداد القناة الدمعية أو التهاب ناتج من الانسداد، وينبغي البحث عن:
ـ الدمع المفرط.
ـ الالتهاب المعاود في العين «التهاب الملتحمة».
ـ الالتهابات الجرثومية المعاودة في العين.
ـ التورم المؤلم بالقرب من الزاوية الداخلية للعين.
ـ مخاط أو تصريف قيحي من جفن العين في الجانبين وسطح العين أيضاً.
ـ ضبابية الرؤية.
مراجعة الطبيب
إذا كانت العين مغرورقة بالدموع أو متهيجة أو ملتهبة بصورة مستمرة، ينبغي مراجعة الطبيب، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الانسدادات في القنوات الدمعية تنتج من أورام تضغط على نظام تصريف الدموع، ولذلك، فإن التعرف السريع على الورم يمكن أن يؤدي إلى توفير مزيد من الخيارات العلاجية.
الغدد الدمعية
الغدد الدمعية هي التي تنتج أكبر قدر من الدموع، وتقع هذه الغدد في داخل الناحية العلوية من الجفن فوق كل عين.
تكوين الدموع
في الأحوال الطبيعية تتدفق الدموع من الغدد الدمعية فوق سطح العين، وتدخل في ثقوب متناهية الصغر «نقاط» تقع في زوايا النواحي العلوية والسفلية من الجفن.
يحتوي جفن العين على قنوات صغيرة تنقل الدمع إلى كيس يلتصق الجفن عنده بجانب الأنف «الكيس الدمعي»، من هناك تنتقل الدموع إلى قناة سفلية «القناة الدمعية الأنفية» تصرف الدموع في الأنف، حيث تتم إعادة امتصاصها.
أسباب الانسداد
ويمكن أن يحدث الانسداد في أي مكان في نظام تصريف الدموع، ابتداء من الثقوب متناهية الصغر وانتهاءً بالأنف، وعند حدوث الانسداد لا تسيل الدموع بصورة مناسبة، ما يؤدي إلى إغراق العين بالدموع، وزيادة احتمالات تعرضها للالتهابات، الجرثومية أو غيرها، ويمكن أن يحدث الانسداد في القنوات الدمعية في أي مرحلة عمرية، وقد يكون هذه الانسداد موجوداً منذ الولادة «خلقي»، وتشتمل أسبابه على ما يلي:
الانسداد الخلقي «الولادي»
وفيه يولَد العديدٌ من المواليد وهم يعانون من انسداد القناة الدمعية، فقد لا يكون جهاز تصريف الدموع كاملاً في نموه، وقد يكون هناك أمر غير طبيعي في القناة الدمعية، حيث يظل في الغالب غشاء رقيقاً فوق الفتحة التي تفرغ الدموع في الأنف «القناة الأنفية الدمعية» في القنوات الدمعية المسدودة خلقياً، وهو أمر تظهر أعراضه في الشهر الأول أو الثاني بعد الولادة.
تغيرات مرتبطة بالسن
مع التقدم في السن، قد تصبح الثقوب الصغيرة أكثر تضيقاً، ما يؤدي إلى حدوث انسداد يبطئ تدفق الدموع إلى الأنف، ما ينتج عنه سيلان الدموع، كما قد يحدث انسداد كامل في فتحات هذه الثقوب.
التهابات العين
يمكن أن يؤدي التهاب مزمن في العين أو في نظام تصريف الدموع أو الأنف إلى انسداد القنوات الدمعية.
إصابات أو رضوض الوجه
أية إصابة في الوجه يمكن أن تؤدي إلى تلف العظام بالقرب من جهاز تصريف الدموع، ما يؤدي إلى تعطيل التدفق الطبيعي للدموع عبر القنوات الدمعية.
الأورام
يمكن أن تحدث الأورام في الأنف أو الجيوب الأنفية أو الكيس الدمعي على طول نظام تصريف الدموع، ما يؤدي إلى انسداده مع كبر حجم الورم.
الأدوية الموضعية
من النادر أن تسبب أدوية موضعية معينة، مثل بعض الأدوية التي تعالج الماء الأزرق انسداداً في القناة الدمعية.
أدوية السرطان
يعتبر انسداد القناة الدمعية تأثيراً جانبياً محتملاً للعلاج الكيميائي والإشعاعي للسرطان.
عوامل الخطورة
ثمة عوامل معينة تزيد من مخاطر انسداد القناة الدمعية ومنها:
ـ العمر والجنس: فالنساء المتقدمات في السن معرضات لخطر أكبر للإصابة بانسداد القناة الدمعية بسبب التغيرات الناتجة من السن.
ـ الالتهاب المزمن في العين: في حالة تهيج العين واحمرارها والتهابها بصورة مستمرة «التهاب الملتحمة»، فإن احتمال الإصابة بانسداد القناة الدمعية يكون كبيراً.
ـ عملية جراحية سابقة: قد تسبب جراحة سابقة في العين أو الجفن أو الأنف أو الجيوب الأنفية بعض التندبات في نظام تصريف الدموع، ما قد يؤدي إلى انسداد القناة الدمعية في وقت لاحق.
ـ أدوية الماء الأزرق «الجلوكوما»: غالباً ما تستخدم الأدوية المضادة للماء الأزرق موضعياً في العين، وإذا ما استخدم المرء مثل هذه الأدوية أو أدوية موضعية غيرها للعين، فإن ثمة احتمالاً لحدوث تضييق في القناة الدمعية لديه لفترة سنوات طويلة .
ـ علاج سابق للسرطان: في حالة تلقي علاج إشعاعي أو كيميائي للسرطان، لاسيما إذا ما كان العلاج الإشعاعي مركزاً على الوجه أو الرأس، فإن ثمة احتمالاً كبيراً لحدوث انسداد في القناة الدمعية.
المضاعفات
نظراً لعدم تصريف الدموع على النحو المطلوب، فإن الدموع التي تبقى في نظام التصريف تصبح ساكنة محفزة نمو الجراثيم والفيروسات والفطريات، وقد تؤدي هذه الكائنات إلى حدوث التهابات معاودة في العين، وقد يحدث الالتهاب في أي جزء من نظام تصريف الدموع، بما في ذلك الغشاء الشفاف فوق سطح العين «الملتحمة»، بسبب انسداد القناة الدمعية.
الفحوص والتشخيص
فحص العين: ينبغي أن يكو المرء جاهزاً لإجراء فحص للعين، وبضعة فحوص لمعرفة كيفية تصريف الدموع لديه، وسوف يقوم الطبيب أيضاً بفحص الناحية الداخلية من الأنف لتحديد ما إذا كانت أية اضطرابات هيكلية في السبل الأنفية هي التي تسبب الانسداد، وقد يتم إجراء فحوص أخرى لتحديد موقع الانسداد من أجل اختيار العلاج الأفضل.
فحص تصريف الدموع: يعني فحص اختفاء صبغة الفلوريسين، وهو يقيس سرعة تصريف الدموع، يتم وضع قطرة من صبغة خاصة في كل عين، وإذا ما ظل ثمة مقدار ملموس من الدموع في العين بعد خمس دقائق من الطرف الطبيعي للعين، فإن الأمر قد يعني انسداد القناة الدمعية.
التروية والاستكشاف: قد يقوم الطبيب بدفق محلول ملحي في نظام تصريف الدموع لمعرفة كيفية التصريف في النظام، أو استخدام أداة رفيعة «مسبار» يتم إدخالها في ثقوب تصريف الدموع الصغيرة والتي تقع عند زاوية الجفن لتقصي وجود الانسدادات، وأثناء عملية الاستكشاف هذه، تتوسع الثقوب الدمعية الصغيرة عادة، وإذا ما كانت المشكلة ضيقاً في هذه الثقوب، فإن هذا الإجراء قد يحل المشكلة.
فحوص تصوير العين: تشتمل هذه الفحوص على تصوير الكيس الدمعي أو التصوير الومضاني للقناة الدمعية، في هذين الإجراءين، يتم تمرير صبغة ظليلة من الثقوب الصغيرة في زاوية الجفن إلى نظام تصريف الدموع، بعد ذلك يتم إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي أو تصوير طبقي بالحاسوب لتحديد موقع الانسداد وسببه.
الأدوية والعقاقير: سبب الانسداد في القناة الدمعية هو الذي يحدد العلاج المناسب للمشكلة، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان استخدام أكثر من علاج أو إجراء قبل تحقيق الشفاء الكامل من الانسداد في القناة الدمعية.
أما في حالة الاشتباه بوجود التهاب جرثومي، فإن الطبيب قد يصف مضاداً حيوياً بشكل قطرات.
وإذا ما كان الانسداد في القناة الدمعية ناجماً من ورم، فإن العلاج سيركز على سبب الورم، وقد يتم إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم، وقد يوصي الطبيب أيضاً باستخدام علاجات أخرى لتقليص حجم الورم.
أما الخيارات العلاجية للانسداد في القناة الدمعية والذي يعزى لأسباب غير الورم، فإنها تتفاوت من المراقبة البسيطة إلى الجراحة.
العلاج التحفظي: تتحسن حالة عديد من المواليد الذي يولدون وهم يعانون من انسداد القناة الدمعية بدون أي علاج، وهذا يمكن أن يحدث مع نضوج نظام التصريف أثناء الأشهر القليلة الأولى من العمر، وقد يحدث أيضاً عند تمزق الغشاء الزائد في القناة الأنفية الدمعية.
وإذا ما كان الانسداد في القناة الدمعية ناتجاً من إصابة في الوجه، فإن الطبيب قد يقترح علاجاً تحفظياً، وسبب ذلك أنه مع الشفاء من الإصابة، وانكماش التورم، فإن الانسداد قد يزول من القناة الدمعية من تلقاء نفسه، وهو ما يحدث في الأحوال الاعتيادية خلال بضعة أشهر بعد الإصابة.
العلاج بأقل تدخل جراحي ممكن: عندما يحتاج المواليد وصغار الأطفال لعلاج الانسداد في القناة الدمعية، فإنه غالباً ما يتم استخدام الخيارات العلاجية بأقل تدخل جراحي ممكن، وأحياناً تكون هذه الأساليب فعالة أيضاً للبالغين الذين يعانون من ضيق الثقوب الصغيرة في جانب العين، أو لمن يعانون من انسداد جزئي في القناة الدمعية.
التوسيع والاستكشاف والتروية: يعمل هذا الأسلوب على فتح الانسداد الولادي في القناة الدمعية في معظم المواليد، ويتم القيام بهذا الإجراء تحت التخدير العام وذلك بالنسبة للمواليد الجيد، حيث يقوم الطبيب أولاً بتكبير فتحات الثقوب متناهية الصغر باستخدام أداة توسيع خاصة، ويقوم بعدها بإدخال مسبار رفيع عبر هذه الثقوب مروراً إلى جهاز تصريف الدمع منتهياً في تجويف الأنف .
فيما يتعلق بالبالغين الذين يعانون من تضيق جزئي في الثقوب متناهية الصغر، يمكن القيام بإجراء مماثل في عيادة الطبيب، حيث يتم دفق المحلول بالقنوات الدمعية وترويتها أثناء توسيع الثقوب، وإذا ما كانت المشكلة ناتجة من تضيق جزئي في فتحات الثقوب متناهية الصغر، فإن هذا الإجراء غالباً ما يوفر ارتياحاً مؤقتاً على الأقل.
وقد يتم وصف مضاد حيوي بشكل قطرات للعين في حالة وجود التهابات جرثومية، وإذا لم تؤدِّ التروية والتوسيع إلى أية نتائج أو كانت النتائج المتوخاة للتوسيع مؤقتة، فإن الجراحة قد تكون ضروية لفتح الثقوب الصغيرة المتضيقة.
استخدام استنت «دعامة» أو أنبوب: عادة ما يتم القيام بهذا الإجراء تحت التخدير العام، حيث يتم إدخال نهايتي أنبوب رفيع مصنوع من السيليكون عبر الثقوب الصغيرة في زاوية الجفنين العلوي والسفلي، بعد ذلك يتم تمرير الأنبوب عبر نظام تصريف الدموع وصولاً إلى الأنف، وتظل حلقة صغيرة من الأنبوب واضحة عند زاوية العين، ويترك الأنبوب لمدة ثلاثة أشهر تقريباً قبل أن يتم نزعه.
الجراحة عادة ما يوصى بالجراحة للكبار من الأطفال والبالغين الذين يحتاجون للعلاج، وتعتبر الجراحة أيضاً خياراً علاجياً للمواليد الجدد وصغار الأطفال الذين أخفقت معالجتهم بأساليب علاجية، وذلك بأقل تدخل جراحي ممكن.
وتسمى الجراحة التي يشيع استخدامها في علاج الانسداد في القنوات الدمعية مفاغرة الأنف والكيس الدمعي، ويتم من خلال هذه الجراحة إعادة تشكيل السبل الدمعية من أجل تصريف الدموع بصورة طبيعية مرة أخرى من خلال الأنف، بداية يتم إعطاء المريض تخديراً عاماً أو موضعياً أحياناً.
في هذا الإجراء، ينفذ الجراح إلى نظام تصريف الدموع، ثم يقوم بعمل وصلة مباشرة بين الكيس الدمعي والأنف، هذا السبيل الجديد يتجاوز القناة التي تصرف الدمع في الأنف «القناة الأنفية الدمعية»، والتي تعتبر أكثر موضع يشيع الانسداد فيه، ويتم وضع دعامات أو أنابيب في السبيل الجديد في الوقت الذي تستمر فيه عملية الشفاء، وعادة ما يتم نزع هذه الدعامات أو الأنابيب بعد ثلاثة أشهر من الجراحة.
أما خطوات الجراحة فتتفاوت اعتماداً على الموقع الدقيق للانسداد ومداه، وخبرة الجراح والخيارات التي يفضلها.
خارجية: تعتبر مفاغرة الأنف والكيس الدمعي إجراءً جراحياً يشيع استخدامه في فتح الانسداد في القناة الدمعية، حيث يقوم طبيب الجراحة تحت التخدير العام بعمل قطع على جانب الأنف بالقرب من موضع الكيس الدمعي، وبعد وصل الكيس الدمعي بالتجويف الأنفي ووضع استنت «دعامة» في السبيل الجديد، يقوم طبيب الجراحة بغلق القطع ببضع غرز.
تنظير باطن الأنف: يمكن عمل نفس المجازة باستخدام أدوات التنظير الباطني، وعوضاً عن عمل قطع يقوم طبيب الجراحة باستخدام كاميرا مجهرية وأدوات أخرى متناهية الصغر يتم إدخالها عبر الفتحة الأنفية وصولاً إلى القناة الدمعية، في بعض الأحيان، يتم إدخال ضوء ليفي بصري إلى الثقوب الصغيرة لإنارة منطقة الجراحة، أما فوائد هذا الإجراء فتتمثل في عدم عمل قطع وبقاء تندبات، أما العقبات فإن هذا الإجراء يحتاج إلى طبيب جراحة حاصل على تدريب خاص، كما إن معدلات نجاح الإجراء ليست مرتفعة كما هو عليه الإجراء الخارجي.
تجنب كامل نظام القناة الدمعية:
في حال كون الانسداد في القنوات الشعرية وليس في القناة الدمعية السفلية فإن الإجراء السابق لا يفيد ويحتاج المريض لإجراء زرع أنبوب قمعي خاص من الملتحمة قرب زاوية العين الداخلية إلى الأنف. وبعد إجراء العملية الجراحية للانسداد في القناة الدمعية، يستخدم المريض بخاخاً مزيلاً للاحتقان إضافة إلى قطرات موضعية للعين لمنع وتقليل الالتهابات بعد الجراحة، بعد ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر ينبغي أن يراجع المريض الطبيب لإزالة أية دعامات استخدمت للإبقاء على القناة الجديدة مفتوحة أثناء عملية الشفاء