أميركا تنافس السعودية في سوق النفط.. هل أنهى أوباما تحالفاً عمره 70 عاماً من أجل عيون إيران؟
الجمعة 15 ابريل 2016 الساعة 08:03
id="cke_pastebin">    لتصلك أخبار"اليمن السعيد"أولاً بأول اشترك بقناة الموقع على التليجرام انقرهنا
 
 
 
 
تعتبر القمة الخليجية-الأميركية في الرياض الأسبوع المقبل الفرصة الأخيرة لإدارة أوباما لإعادة التوازن للعلاقات الأميركية-السعودية. وبينما تضم القمة الولايات المتحدة ودول الخليج الست، إلا أن الأنظار تتجه نحو أوباما والملك سلمان.
 
فكلاهما سيسعى لرسم صورة مهذّبة، فالصور الرسمية والبيانات السابقة التجهيز ستخفي التوتر في العلاقات. من غير المرجح أن يحدث انهيار في العلاقات بين البلدين قريباً، ولكن ما لم يعمل الطرفان على تفاهم مشترك حول ما يتوقع كل طرف من الآخر، سيستمر التآكل في الأساسات التي تستند إليها العلاقات السعودية-الأميركية، بحسب تقرير نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأميركية.
 
 
حساسية سعودية
 
تعتمد السعودية منذ عقود على الولايات المتحدة في مجال الأمن الخارجي. فمن الطبيعي، باعتبار فارق القوة بين البلدين، أن يطالب آل سعود دائماً الولايات المتحدة بتأكيد التزاماتها الأمنية نحوهم، وأن يشعروا بحساسية تجاه أي علامة تشير إلى تغير في موقف الولايات المتحدة الداعم لهم.
 
ما أظهره أوباما نحو "تمرد" السعودية في لقائه مع جفري جولدبرج لصحيفة أتلانتك كان لافتاً للنظر. وقد قام السعوديون بالرد، سواء في الاجتماعات الخاصة أو على الملأ، بأن الولايات المتحدة لم تعد حليفاً يعتمد عليه، وأنها تخلت عن السعودية لصالح التقارب مع إيران، وأن المصالح السعودية لم تعد محطّ اهتمام الولايات المتحدة كما كانت في السابق.
 
في ظل هذه المعطيات، يظهر اللقاء الرابع بين أوباما والملك السعودي ليس على أنه علامة على قوة الروابط بين البلدين، بل على أنه دليل على أن تلك الروابط قد بدأت تصاب بالوهن. بحسب تقرير مجلة "ذا ناشيونال إنترست" .
 
وبلا شك إن العلاقات بين البلدين قد شهدت اضطرابات في السابق، ويرجع تاريخ تلك الاضطرابات إلى عام 1940 حول إنشاء دولة إسرائيل، كما أنها تفاقمت أثناء حرب 1973 بسبب قطع السعودية إمدادات البترول عن الولايات المتحدة، وكذلك في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ولكن الذين ينتظرون أن تعيد سياسات أوباما العلاقات الثنائية بين البلدين إلى طبيعتها غالباً ما سيصابون بخيبة أمل.
 
 
روابط تنحني ولا تنكسر
 
ويمكن اعتبار أن إيران هي محور التوتر في العلاقات بين البلدين. وقد تسبب رد فعل إدارة بوش نحو أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بغزو العراق عام 2003 في فتح الباب أمام إيران للعودة إلى الساحة كقوة إقليمية هامة. ولكن انسحاب القوات الأميركية من العراق، وكذلك توقيع الولايات المتحدة معاهدة نووية مع إيران، يغيران قواعد اللعبة في علاقات دامت لسبعة عقود.
 
على المستوى الاستراتيجي، تشترك الولايات المتحدة والسعودية في رغبتهما في منع إيران من الهيمنة على المنطقة. ولكن السعوديين يستشعرون الخطر الإيراني بصورة أكبر، ويفضلون تحجيم النفوذ الإيراني عن طريق سياسات المواجهة، والتي تتسبب في إثارة المعارضة السنية ضد إيران من ناحية وكذلك القوى الشيعية القريبة في لبنان وسوريا والعراق واليمن من ناحية أخرى.
 
وفي المقابل، تبدو إدارة أوباما أقل قلقاً بشأن تدخلات إيران في المنطقة، وتفضل استخدام الدبلوماسية بدلاً من العدوانية لكبح جماح الطموح الإيراني الذي قد يضر بالمصالح الأميركية.
 
وقد صرح أوباما لجولدبرج أنه على السعوديين والإيرانيين أن يتعلموا "التعايش المشترك" عن طريق تهدئة التوترات والعمل على حلّ النزاعات الإقليمية. ولكن إصرار الرياض على إعدام المعارض الشيعي نمر النمر يبدو أنه قد تمّ لإحداث مزيد من التوتر في المنطقة وذلك لمنع التقارب بين الولايات المتحدة وإيران.
 
 
منافسان شرسان
 
وبسبب استفادة كل من السعودية والولايات المتحدة من التعاون المشترك في مجالي الحرب على الإرهاب والاستخبارات، فمن المرجح أنهما لن يحاولا قطع العلاقات بسبب خلافات سياسية أخرى.
 
فكلا البلدين يدعمان سريان نفط الخليج إلى الولايات المتحدة. ولكن ثورة النفط الصخري بأميركا الشمالية قد قللت بصورة كبيرة اعتماد الولايات المتحدة على بترول الخليج.
 
وتستهدف السياسات النفطية السعودية الحفاظ على حصة الرياض في سوق النفط مع إغراق السوق لدفع المنافسين خارجها، والنتيجة أن البلدين أصبحا فجأةً متنافسين اقتصاديين شرسين.
 
وبرغم الخلافات، لن تتحمل أي من الدولتين قطع العلاقات. فالسعودية تعتمد بشكل كامل على الدعم العسكري الأميركي، ولذلك ستحاول إظهار القمة بمظهر النجاح. أما أوباما، فسيسعى لاستغلال زياراته الأخيرة للخليج كرئيس لأميركا لتثبيت إرثه.
 
قد يحاول الضغط على دول الخليج لتمتنع عن تهديد المعاهدة النووية الإيرانية مع التأكيد على أن الولايات المتحدة تلتزم بالمحافظة على أمنهم الخارجي في مواجهة الأطماع الإيرانية.
 
سيظهر أوباما أنه يتفهم أن الصفقة الإيرانية ستكون أكثر أماناً إذا تبنى حكام الخليج إنجاحها. كما سيؤكد أن الولايات المتحدة تقدر أهمية علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي وتلتزم بشراكتها مع السعودية.
 
 
كيف ستكون العلاقات الجديدة
 
وبرغم ذلك، فإن العلاقات الأميركية-السعودية تتعرض لتغييرات هيكلية كبيرة. فتغير أولويات الولايات المتحدة على المستوى الإقليمي والعالمي والتغييرات التي حدثت في أسواق الطاقة العالمية وكذلك رد فعل الولايات المتحدة تجاه الأحداث التي تجتاح الشرق الأوسط منذ عام 2011 تسببت في اهتزاز الثقة بين البلدين.
 
فاعتماد السعودية الكلي على حماية الولايات المتحدة لها قد أثّر على استقلالها مع الوقت. ومع تزايد الشكوك في رغبة الولايات المتحدة في الاستمرار في لعب دور رجل الشرطة في المنطقة، فقد تبنت السعودية سياسة خارجية أكثر جرأة في مواجهة إيران منذ وصول الملك سلمان للحكم. وهذا أدى إلى ما تعتبره إدارة أوباما إجراءات انفعالية وغير مدروسة، مثل الحرب على اليمن، برغم تأييد واشنطن لها كنوعٍ من الطمأنة للسعوديين.
 
في حين أن النتائج الأولية كانت مقلقة تماماً، قد يكون القادة السعوديون أكثر قابلية للتعلم من أخطائهم إذا امتنعت الولايات المتحدة عن التدخل لإنقاذهم.
 
والواقع أن السعوديين قد تراجعوا وأعادوا تقييم سياساتهم في اليمن ومصر. ومع ذلك، أخطأت السعودية بسحب أموالها من لبنان، فبذلك، سلمت النفوذ تماما لإيران، كما أخطأت أيضاً في سياستها تجاه العراق من خلال رفضها التعامل مع الحكومة التي يقودها الشيعة.
 
ستكون العلاقات السعودية-الأميركية الجديدة أكثر تحفظاً، وسينخفض سقف توقعات كلا البلدين من الآخر، وسيستمران في الاختلاف حول الملفات الأمنية في المنطقة، ولكنهما سيعودان للتوافق ما دامت مصالحهما متقاربة.
 
ورغم ذلك، لن يكوّن البلدان تحالفاً أو حتى "شراكة استراتيجية" بالمعنى الحقيقي للكلمة. بدلاً من ذلك، ستكون لديهما علاقة أكثر واقعية واستدامة، خالية من الأوهام والمفاهيم الخاطئة، يمكن أن ينتج عنها قدرٌ أقل من خيبات الأمل. يجب على الرئيس أوباما والملك سلمان استخدام مناقشاتهما الخاصة في القمة لبدء حوار صريح وبناء حول الأولويات والتوقعات، وكيفية تطوير العلاقات بين البلدين.