قد يكون الأمن القومي سبباً في تعطيل صفقة شراء رجل الأعمال المصري (نجيب ساويرس) لأحد أكبر بنوك الاستثمار في مصر (سي آي كابيتال) عبر إحدى أذرعته الاستثمارية (بلتون القابضة)، وذلك وفق ما زعمه في مقاله المنشور بجريدة أخبار اليوم المصرية قبل أسبوعين، مهاجماً فيه محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، ومنتقداً سياسات الدولة في التعامل مع الاستثمار.

 

لكن على كل حال ليس ما ذكره ساويرس هو السبب الأوحد وراء تعطيل الصفقة، فهناك ما لا يعرفه الرأي العام والكثير من المتخصصين بشأن تعطيل هذه الصفقة التي تقدر قيمتها بنحو 840 مليون جنيه مصري (100 مليون دولار)، فقد حصلت (هافينغتون بوست عربي) على مستندات وأوراق تشير إلى أن البنك التجاري الدولي -مصر المالك لبنك الاستثمار (سي اي كابيتال) والذي يمثل البائع في هذه الصفقة يواجه نزاعاً قضائياً وحكماً نافذاً يُلزمه باستكمال شراء حصة بعض العاملين السابقين بالشركة فيما يسمى بأسهم إثابة العاملين، تلك الحصة التي لا تتجاوز قيمتها نحو 23 مليون جنيه مصري (2.5 مليون دولار) والتي تم استثناؤها من صفقة مماثلة تم تنفيذها في العام 2008 وما زالت معلقة رغم حصول العاملين على حكم قضائي بات يلزم البنك بشرائها.

 

الأوراق تشير إلى أن هناك نحو 40 موظفاً ممن كانوا يعملون ببنك الاستثمار (سي آي كابيتال) خاضوا -وما يزالون- معركة حامية الوطيس للحصول على حقوقهم المعلقة لدى البنك التجاري الدولي - مصر، حتى أنهم أقاموا قضية مؤخراً ضد رئيس هيئة الرقابة المالية في مصر (شريف سامي) اختصموه فيها بعدم تنفيذ الحكم القضائي الصادر لهم كون الهيئة جهة رقابية تخضع لها عمليات الاستحواذ ونقل ملكيات الأسهم في مصر.

 

ويواجهه رئيس هيئة الرقابة المالية في 27 أبريل /نيسان 2016 بمصر دعوى ضده تطلب حبسه وعزله من منصبه على خلفية امتناعه عن تنفيذ حكم قضائي بإلزام البنك التجاري الدولي بشراء أسهم بعض العاملين السابقين بشركة (سي آي كابيتال القابضة) وشركاتها التابعة بسعر 28.75 جنيه للسهم الواحد.

 

ووفقاً للدعوى المرفوعه ضد رئيس هيئة الرقابة المالية السابق، فإن صفقة بيع 

100 % من شركة (سي آي كابيتال) لصالح رجل الأعمال نجيب ساويرس مرة أخرى، قد تتعطل حتى يتم الفصل في تلك الأحكام أو خضوع البنك للأحكام وتنفيذ الصفقة.

 

وترجع تفاصيل القضية إلى المنافسة في تنفيذ اتفاقية المساهمين المؤرخة في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2006 بين البنك وشركته القابضة ومجموعة ساويرس وشركة (فايروول الموجودة بقبرص) وشركة دايناميك وآخرين.

 

وترتب عليها زيادة رأسمال شركة (سي آي كابيتال) من 50 مليون جنيه إلى 550 مليون جنيه، إذ نتج بناءً على ذلك الاتفاق السابق مجموعة شركات ساويرس من شركة (سي آيكابيتال) في 11 أغسطس 2008 بسعر 28.75 جنيهاً (9.45 دولاراً) للسهم الواحد، وقام التجاري الدولي بشراء أسهم مجموعة ساويرس والبالغ نسبتها 39% بقيمة تبلغ 800 مليون جنيه (88.7 مليون دولار)، فيما امتنع البنك عن شراء أسهم العاملين وقتها بدون سبب قانوني.

 

ووفقاً لتصريحات صحفية لشريف سامي، رئيس هيئة الرقابة المالية، فإن الهيئة ليست جهة تنفيذ أحكام، لكنه أوضح أن الهيئة خاطبت البنك التجاري الدولي لتنفيذ الحكم القضائي السالف ذكره أكثر من مرة.

 

الدكتور إيهاب عبد الفتاح محامي المدعين -موظفو البنك السابقين- أوضح لـ"هافينغتون بوست عربي"، إنه رغم صدور حكم نهائي من محكمة القاهرة الاقتصادية استئناف مشمولا بالنفاذ، وإخطار محامي المدعين البنك التجاري الدولي بالحكم وفق الإجراءات القانونية المتبعة منذ مارس الماضي، إلا أن البنك لم يرد ولم ينفذ الحكم.

 

وأوضح عبد الفتاح أنه في ذات السياق لجأ المدعون الحاصلون على الحكم إلى هيئة الرقابة المالية باعتبارها جهة مختصة بتنفيذ مثل هذه الأحكام المتعلقة بسوق المال والأسهم المقيدة وعروض الشراء الإجباري، إلا أن الهيئة قالت إنها ليست جهة اختصاص، مما استدعى أصحاب الحكم برفع جنحة مباشرة بالحبس والعزل من المنصب ضد رئيس هيئة الرقابة المالية لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي مشمولا بالنفاذ.

 

وأوضح المحامي أنه قدم طلباً لهيئة الرقابة المالية وآخر لإدارة البورصة المصرية طالبهم فيهم بمنع تنفيذ صفقة شراء ساويرس لـ100% من سي آي كابيتال ونقل ملكية الأسهم كونها قد تضر بحقوق العاملين السابقين أصحاب الأسهم المعلقة.

 

ورفعت الدعوى من قبل 40 موظفاً من العاملين السابقين بشركة سي آي كابيتال وشركاتها التابعة للبنك التجاري الدولي وأبرزها (التجاري الدولي للسمسرة) عام 2012، بعد أن استنفد أولئك العاملين الطرق السلمية في التفاوض والتظلمات لدى الجهات الرقابية بعد رفض البنك شراء أسهمهم، مما استدعاهم إلى رفع الدعوى التي صدر فيها الحكم سالف الذكر.