الاقتصاد اليمني في ظل «عاصفة الحزم»
السبت 28 مارس 2015 الساعة 21:28
التقارير المعدة من قبل المؤسسات الدولية حول الاقتصاد اليمني قبل بدء ضربات «عاصفة الحزم» والحرب الدائرة على اليمن من قبل بعض الدول الخليجية والعربية تشير إلى وجود معاناة اقتصادية في هذه الدولة التي تتمتع بالعديد من المقومات الاقتصادية، إلا أن حالة الانقسام التي وصلت إليها بسبب التدخلات الخارجية والحروب الداخلية والفساد الإداري والاقتصادي أدت إلى تفاقم سوء الأحوال الاقتصادية فيها.
ووفقا لتقرير حديث لمنظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في اليمن، فقد حذرت هذه المنظمة في تقرير صدر عنها في فبرايرالعام الحالي من أن الوضع الاقتصادي في اليمن أصبح على حافة الانهيار، مشيرا إلى أن من هم تحت خط الفقر يصلون إلى 60% من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليوناً. ووفقا لإحصاءات حكومية، فقد تكبّد الاقتصاد والموازنة العامة خسائر تقارب 1.48 تريليون ريال (6.9 مليار دولار)، جراء التخريب المتكرر لخطوط نقل النفط والغاز وشبكات الكهرباء، بين عامي 2012 و2014. كما أصابت الخسائر شركات القطاع الخاص، نتيجة الوضع الأمني المتدهور.
و نتيجة للحرب الدائرة التي تشنها السعودية بتحالف خليجي وعربي و اقليمي وضمن حملة «عاصفة الحزم» فإن سلطات مطار عدن اضطرت لإلغاء كل الرحلات لدواع أمنية، في الوقت الذي غادر فيه كافة موظفي المطار بالفعل منذ عدة أيام مضت، فيما تعرضت مؤسسات تجارية في محيط مطار عدن الدولي لأضرار بالغة، من بينها بعض الفنادق الواقعة في محيط المطار والذي تعرضت لقصف مباشر نتيجة لاندلاع الحرب. وقد أعلن عدد من شركات الطيران الدولية إلغاء رحلاتها إلى المطار، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على التجارة الخارجية والسياحية لهذه الدولة. وقد اضطرت هذه الهجمات إلى تسارع بعض اليمنيين الناشطين بإطلاق حملات الكترونية هدفها إيقاف الحرب على بلادهم من أجل حماية الاقتصاد اليمني، حيث تم إطلاق هذه الحملة تحت عنوان «أوقفوا الصراع من أجل الاقتصاد، من أجل الفقراء»، في مسعى لإنقاذ البلد من الأوضاع السياسية والأمنية، في ظل معاناة 60% من الشعب اليمني الذي يعيش دون خط الفقر. ولا شك أن تحسن الآفاق الاقتصادية لليمن مرهون بشكل أساسي بإيجاد حل للأزمة الراهنة التي لا يمكن تقدير نتائجها السلبية في الوقت الحالي سواء على الاوضاع السياسية أوالاقتصادية أو الاجتماعية لليمن أوالدول العربية الأخرى التي سيؤثر عليها هذا الوضع الأمني، الأمر الذي يتطلب الإسراع في جهود عودة المؤسسات الرسمية لليمن في عملها والحفاظ على ما تبقى من مقدرات اليمن الاقتصادية، وهي عديدة. ويرى الناشطون الذي يقومون بهذه الحملة الوطنية من أجل إنقاذ بلادهم من الصراع الاقليمي والدولي هو أن الاهتمام العالمي للوضع الحالي في اليمن أصبح ضرورة ملحة يتطلب من جميع دول المنطقة وخارجها بضرورة لعب دورها لإنقاذ البلد من التداعيات السلبية، باعتبار أن أي دور سلبي لليمن سيؤدي إلى خلق بيئة سلبية على المنطقة والعالم في حال استمرار الحرب والصراع على السلطة في هذه الدولة. ويرى بعض المستثمرين اليمنيين أن عدم الاستقرار الأمني الذي يعانيه اليمن يجعل الاقتصاد اليمني على المحك في ظل الأزمات التي يعيشها ما يتسبب في خلق حالة من الخوف لدى رجال الأعمال داخل وخارج البلاد، الأمر الذي يؤدي إلى هروب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية. كما تؤدي هذه الأزمة إلى تراجع المانحين عن تقديم المساعدات والإيفاء بالتعهدات في ظل ضبابية الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وفي مثل هذه الازمات تتوقف حركة الملاحة والسفن إلى الاماكن التي تندلع فيها الحروب، وهذا ما ستؤدي إليها الحالة في اليمن بحيث ستتوقف عمليات الاستيراد والتصدير وتتعطل مصالح الدولة الاقتصادية، وتنتج عنها حالات الاحتكار وارتفاع أسعار السلع والمنتجات، وتدافع المواطنين في شراء السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وتخزينها، بجانب الاحتفظ بكميات أكبر من الوقود والغاز المنزلي لمواجهة الظروف المستقبلية، في الوقت الذي يتخوف فيه القطاع التجاري في البلاد من حدوث أعمال نهب وسلب، خاصة في حال انفلات الأمر وحصول فوضى في البلاد. فالاخبار المذاعة تشير إلى توقف وتعطل الحركة التجارية بشكل كامل في عدن ومدن يمنية أخرى وفق أقوال بعض المسؤولين في غرفة التجارة والصناعة هناك، فيما قام التجار بإغلاق محلاتهم بينما تعطلت حركة نقل البضائع تماما بين عدن وبقية المحافظات، كما أن العمل في ميناء عدن شبه متوقف، والقطاع التجاري هو الآخر موقف وفي حالة ترقب لما ستؤول اليه الأحداث وريثما تستقر الأوضاع، حيث أغلقت جميع الشركات أبوابها ومنحت موظفيها إجازة مؤقتة.
ويعزو بعض المسؤولين إلى أن تدهور الاقتصاد اليمني يعزى إلى فترة الحكم السابق حيث سيطر المسؤولون خلال العقود الثلاثة الماضية على أموال وثروات وموارد البلد الفقير وسخروها لصالحهم نتيجة بيعهم لمقدرات البلاد الاقتصادية بأسعار بخسة وضمن صفقات مشبوهة، حيث تقدر قيمة تلك الأموال عشرات المليارات من الدولارات. والبعض يرى أن اليمن تحولت في الفترة الماضية إلى محطة ترانزيت لتجارة المخدرات والتهريب والرشاوى بحيث تصل قيمة تلك الأموال إلى أكثر من 60 مليار دولار تختص بالاموال المنهوبة من القطاع النفطي والغاز والأراضي وغيرها.
فاليمن تتمتع بالعديد من المقومات، خاصة في مجال الغاز، حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود احتياطي من الغاز يقدر بما يتراوح بين 12 و15 تريليون قدم مكعبة، في الوقت الذي ينتج فيه اليمن حاليا نحو 6.7 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، وهو ما يعادل نحو 346 تريليون وحدة حرارية لشركات عالمية يتهمها البعض بالتلاعب والفساد نتيحة حصولها على أسعار رخيصة ضمن صفقات مشبوهة.
إن الأزمة الراهنة والوضع الأمني المتدهور نتيجة لعاصفة الحزم تعمل على تكبد الاقتصاد اليمني المزيد من النتائج السلبية حيث من المتوقع أن تلحق بشركات القطاع الخاص خسائر جديدة ، وأن يمر النشاط التجاري في اليمن بمرحلة ركود نتيجة لتوقف الاستثمارات الداخلية والخارجية، وربما ظهور المزيد من الاعتداءات المسلحة، الأمر ينعكس سلباً وبشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية، ويؤثر على الاستثمارات الداخلية والتجارة الخارجية.