يمنيون يواجهون الجوع برهن أمتعتهم ومقتنيات منازلهم
الاربعاء 16 أغسطس 2023 الساعة 15:24

أجبر الظرف المعيشي المتدني، ورقعة الجوع والفقر المتسعة، وانقطاع الرواتب، آلافاً من اليمنيين على رهن أمتعتهم الشخصية ومقتنيات منازلهم، لتوفير بعض احتياجاتهم وأسرهم الضرورية؛ خصوصاً بعد تدهور أوضاعهم المعيشية، بفعل انقلاب الحوثيين المستمر للسنة التاسعة.

 

جاء ذلك بالتزامن مع تأكيدات أممية أن تدهور الأمن الغذائي في اليمن سيستمر خلال أغسطس (آب) الجاري، وللشهر الثالث على التوالي، وأن استراتيجيات الأسر اليمنية للتعامل مع سبل العيش تدهورت بمقدار نقطة مئوية واحدة في يونيو (حزيران) المنصرم، مقارنة بأواخر الشهر السابق له.

 

ويؤكد «عبد القوي» وهو ضابط سابق في الجيش اليمني، أنه اضطر قبل أيام إلى رهن هويته العسكرية لدى مالك مطعم في صنعاء، مقابل منحه وجبة طعام تعادل قيمتها 5 دولارات، لسد رمقه و5 من أطفاله.وشكا «عبد القوي» في حديثه مع «الشرق الأوسط»، من التدهور المعيشي الذي أصابه وأطفاله منذ انقطاع راتبه قبل سنوات عدة، وهو الأمر الذي دفعه غير مرة إلى الخروج طلباً للرزق؛ لكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن وضعه المادي كان قبل الحرب ميسوراً؛ حيث كان يتقاضى راتباً شهرياً مع بعض الحوافز يعادل 170 دولاراً، ويكفي لتغطية احتياجاته.ويعد «عبد القوي» واحداً من بين آلاف اليمنيين الذين عجزوا عن توفير الحد الأدنى من القوت الأساسي لذويهم، واضطروا إثر ذلك إلى رهن أمتعتهم الشخصية ومقتنيات منازلهم لدى آخرين، في سبيل مواجهة الضغوط المعيشية.

 

توسع الظاهرة

ومع تدهور سبل العيش، يؤكد السكان في صنعاء ومدن أخرى خاضعة للحوثيين، توسع ظاهرة «الرهونات» بمختلف أشكالها بمناطق متفرقة بصنعاء ومدن أخرى؛ حيث يقوم أشخاص لا يملكون المال بوضع أمتعتهم الشخصية والمنزلية لدى تجار، مقابل حصولهم على سلع أو تقديم بعض الخدمات الأساسية.

 

واطلعت «الشرق الأوسط» خلال جولة على محال تجارية في صنعاء، على مئات من الرهونات المختلفة، تتبع سكاناً جلهم من الموظفين المدنيين والعسكريين والأمنيين، ممن أجبرهم الوضع البائس على رهن أمتعتهم لأخذ ما يحتاجونه من طعام ومواد استهلاكية، في ظل الحالة الإنسانية المزرية التي وصل إليها اليمنيون، جراء الفقر وانعدام السيولة وانقطاع المرتبات وندرة فرص العمل.

 

وتتنوع الأمتعة الشخصية التي وضعها مواطنون لدى متاجر، بين: الساعات اليدوية، والنظارات، والبطاقات الشخصية والعائلية، وجوازات السفر، والهواتف الجوالة، والأسلحة النارية، والجنابي (خناجر يمنية).ويفسر ملاك متاجر في صنعاء هذه الظاهرة بقولهم إن معظم اليمنيين ممن كانوا ميسوري الحال، يضطرون في ظل هذه الأوضاع العصيبة إلى رهن أغراضهم من أجل سد رمق العيش لهم ولأسرهم، مؤكدين وجود آلاف الرهونات لديهم ولدى غيرهم من الباعة الآخرين، تتبع أشخاصاً ممن أجبرتهم شدة الفاقة على رهنها، ومر على بعضها فترات طويلة ولم يأتِ أصحابها لاسترجاعها.

 

ونظراً لازدياد أعداد الأشخاص الذين يصلون إلى التجار لرهن أمتعتهم الشخصية ومقتنيات منازلهم، يقول بعض التجار في حديثهم مع «الشرق الأوسط»، إنهم وصلوا إلى مرحلة لم يعودوا فيها قادرين على استقبال أي رهونات؛ سواء من موظفين أو من غيرهم؛ خصوصاً بعد أن تعرضوا غير مرة لعجز مادي وصعوبة في توفير البضائع لمحالهم.

 

ويكشف مالك كافتيريا في صنعاء عن شرائه صندوقاً خاصاً بهدف وضع رهونات الناس، من وثائق وهويات وغيرها، بداخله لحفظها من الضياع والتلف، حتى يأتي الوقت الذي يتمكن فيه أصحابها من قضاء ما عليهم من ديون واسترجاعها.