قانون السلطة القضائية يتوعد القضاة المرتشين ويحذر من ابتزازهم
السبت 9 أغسطس 2014 الساعة 01:32

في الوقت الذي تؤكد فيه العديد من التقارير الدولية والوطنية استمرار مظاهر الرشوة لدى بعض عناصر القضاء، وأخرها تقرير لمجلس أوربا الذي أكد فيه أن بعض القضاة يتوصلون بالهدايا، مطالبا بقوانين زجرية تمنع هذا الأمر، جاء الجواب في مشروع قانون تنظيمي متعلق بالسلطة القضائية.

وتوعد المشروع القضاة المرتشين بإجراءات زجرية، مطالبا إياهم بالامتناع "عن طلب أو قبول أي هدية أو هبة أو أي فوائد أخرى من أي نوع كانن بشكل مباشر أو غير مباشر"، محذرا من أي شيء "قد يكون له تأثير مهما كان حجمه على أداء الواجبات القضائية حالا أو استقبالا".

وأكد مشروع القانون التنظيمي على ضرورة مزاولة المهام القضائية بتجرد وحياد من غير مفاضلة ولا تحيز ولا تحامل، مشددا على ضرورة "المساواة بين الأطراف المتنازعة بما يعزز ثقة المجتمع في القضاء".

وللوقوف في وجه ظاهرة ابتزاز القضاة منع المشروع الجديد، "كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء"، موضحا أن القاضي "لا يتلقى بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط"، قبل أن ينبه القضاة إلى إحالة أي أمر من شأنه تهديد استقلاليتهم إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

ولتدعيم استقلالية القضاة نظم المشروع الإحالات المقدمة إلى المجلس من القضاة كلما تعلق الأمر بمحاولة التأثير عليهم بكيفية غير مشروعة، حيث يقوم عند الاقتضاء بالأبحاث والتحريات اللازمة، ويتخذ المجلس ما يراه مناسبا أو يحيل الأمر عند الاقتضاء على النيابة العامة إذا ظهر له أن الفعل يكتسي طابعا جرميا.

ووضع المجلس مدونة للسلوك تتضمن القواعد الأخلاقية والمهنية الأساسية والتي تلزم القضاة بالتقيد بها، حيث عهد المشروع للرئيس المنتدب مهمة تتبع وتقدير ثروة القضاة بواسطة المفتشية العامة للشؤون القضائية، مشيرا أنه "للمجلس أن يتابع تأديبيا كل قاض ثبتت زيادة ممتلكاته، خلال فترة ممارسة مهامه زيادة ملحوظة لا يستطيع تبريرها بصورة معقولة".

إلى ذلك نص المشروع على أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية مستقلة تتمتع بالأهلية القانونية والاستقلال الإداري والمالي وتتوفر على مقر خاص بها بالرباط، حيث تم تكريس مبدأ استقلال وحياد المجلس بالاعتماد على آلية التنافي.

وحدد المشروع التزامات صريحة يمنع بمقتضاها على أعضاء المجلس اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل يمكن أن ينال من تجردهم أو من استقلالية المجلس، حيث سعى إلى تقوية الضمانات المخولة للقضاة بمناسبة تدبير المجلس لوضعيتهم المهنية.

وموازاة مع ذلك نص المشروع أن الملك يوافق بظهير على تعيين القضاة في السلك القضائي وفي مناصب المسؤولية القضائية بمختلف المحاكم، في حين وضع بالنسبة لترقيتهم وانتقالهم وتمديد سن تقاعدهم معايير خاصة بكل وضعية مهنية على حدة.

المشروع أشار أنه ضمانا لشفافية تدبير الوضعية المهنية للقضاة، تم اعتماد مبدأ الإعلان عن المناصب الشاغرة وتمكين القضاة من تقديم طلبات الترشح بشأنها سواء تعلق الأمر بمناصب المسؤولية أو طلبات الانتقال، موضحا أنه تم اعتماد مبدأ النشر العلني والمنتظم لكل المعطيات المتعلقة بالوضعية المذكورة.

ولتعزيز ضمانات مسطرة التأديب أحاط المشروع تأديب القضاة بعدد من الضمانات، في مقدمتها عدم تحريك المتابعة التأديبية إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية، وكذا حق القاضي المتابع في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بملفه التأديبي وأخذ نسخ منه، وإمكانية مؤازرته بأحد زملائه القضاة أو بمحام.

وأضاف المشروع في هذا السياق أنه تعرض نتائج الأبحاث والتحريات على أنظار لجنة تتألف، بالإضافة إلى الرئيس المنتدب للمجلس والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، من أربعة أعضاء على الأقل يعينهم المجلس، وترفع اللجنة المذكورة إلى نظر المجلس مقترحاتها على ضوء نتائج الأبحاث والتحريات المنجزة.

من جهة أخرى أسند المشروع اختصاص النظر في الطعون المتعلقة بانتخاب ممثلي القضاة إلى الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، مبرزا أنه تم تنظيم مسطرة وآجال الطعن في جميع المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية للقضاة أمام نفس الغرفة.