أمام مكتب شؤون اللاجئین في عاصمة جنوب إفریقیا، جوھانسبرغ، تقف خدیجة، 28 عاما، حائرة وخائفة،
تسیطر علیھا حالة من القلق، بعد أن أبلغھا المكتب أنھ قد لا یجدد إقامتھا، وقد یعیدھا إلى بلدھا الیمن أو إلى
السعودیة، مسقط رأسھا، وحیث تقیم أسرتھا.
تقول خدیجة، وھي یمنیة من موالید الریاض، إنھا ھربت قبل أكثر من عام ونصف إلى جوھانسبرغ، من بطش أبیھا
ورغبتھ في تزویجھا بالقوة وحرمانھا من التعلیم، مؤكدة أن والدیھا متشددان جدا.
تقول خدیجة إن "مكتب اللجوء لا یصدق الجحیم الذي كانت أعیشھ في السعودیة". مضیفة "لن أعود إلى الریاض
مرة ثانیة مھما حصل، لأن أھلي سیقتلونني، لأني في نظرھم جلبت لھم العار".
وثیقة تثبت حصول خدیجة على اللجوء في جنوب إفریقیا
بدأت قصة خدیجة عندما ذھبت رفقة أخیھا إلى السفارة الیمنیة في الریاض لتوثیق شھادتھا الثانویة في 20 ینایر
2019 ،وھناك تعرفت على فتاة، وأخبرتھا بمعاملة أبیھا السیئة لھا وحرمانھا من إكمال تعلیمھا.
فقالت الفتاة لخدیجة إن ھناك مكتبا في السفارة للشؤون الاجتماعیة، یختص بمثل ھذه المشكلات وقد یساعدھا.
اتبعت خدیجة النصیحة، وتروي: "ذھبت إلى مكتب القنصل .. وقالي لي إن القاضي في السفارة ز.ھـ (موقع الحرة
یكتفي بنشر الأحرف الأولى من اسم الشخص المعني)، وھو ویعمل أیضا إمام مسجد في الریاض، سیساعدني،
وطلب ھـ. مني رقم أبي للحدیث معھ بشأن مشكلتي ووعدني بحلھا".
وتقول خدیجة إن القاضي بدلا من أن یساعدھا، حرض أبیھا ضدھا وزاد من سوء الوضع: "اتصل القاضي بأبي
واستدعاه إلى السفارة، وعندما قابلھ قال لھ إنھ إنت مو رجال لو رجال اقتلھا، بناتنا في صنعاء نزوجھم صغار
ونسحبھم من مدارسھم، والمرأة ما لھا أي حق تبدي رأي أو تشتكي، إذا رجال اقتلھا واحنا معك وارمي علیھا ملیون
تھمة، بنتك جابت لك العار ".
وتتابع: "رد أبي أنھ استخدم معي كل الوسائل (لقمعیة) لكنھا عنیدة دون جدوى".
وقالت: "كلام ھـ. مع أبي شجعھ أكثر على ضربي والتفكیر في قتلي، وأصبح مخیفا ومرعبا"، وأشارت إلى أنھ
عرض على أبیھا أن یساعده في تزویجھا.
وأرسلت "خدیجة" تسجیلا صوتیا تقول أنھ لمحادثة ھاتفیة مع أبیھا، یروي ما جرى بینھ وبین الشیخ ھـ.
تتھم خدیجة الشیخ ھـ. بأنھ یستغل علاقاتھ في السفارة وفي المسجد لتزویج القصر، وأنھا اتصلت بھ لمواجھتھ، فأنكر
ذلك، وطلب منھا عدم الشكوى مرة أخرى، قائلا: "لا یوجد بنت تشتكي على والدھا، وعلیكي أن تلتزمي البیت".
وأرسلت خدیجة لـ"الحرة" تسجیلا صوتیا لھذه المواجھة، وقد حاول موقع الحرة التواصل مع الشیخ ھـ. والسفارة
الیمنیة بالریاض، دون الحصول على رد.
وبسبب تعنیف أبیھا ومعاملتھ لھا، أضربت خدیجة عن الطعام، بحسب ما قالتن مضیفة أن "الشیخ أخبر والدھا أن
یربطھا بالسلاسل أو یقتلھا، وأن والدھا كاد أن یفعل ذلك لولا تدخل إخوتھا".
وتقول خدیجة "والدي لم یصدق أنني مضربة عن الطعام، ولكي یصدق أغلقت فمي بصمغ أمیركي". تم نقلھا بعد
ذلك إلى المستشفى، لكن والدھا ذھب إلى المستشفى وأحضرھا من ھناك.
عادت خدیجة إلى بیتھا وفي نیتھا التخطیط للھرب من ھذا الواقع، وبالفعل استفادت من فرصة عملھا في دار لتحفیظ
القرآن وفي منظمة تطوعیة، وبدأت تسعى في أمر السفر. كانت تترك عملھا وتذھب للسفارات أملا في الحصول على
لجوء أو تأشیرة سیاحة.
وبالفعل نجحت في الحصول على تأشیرة سیاحة إلى جنوب أفریقیا، وتحایلت على الجوازات السعودیة للسفر دون
الحاجة لكفیل، حیث ادعت أنھا تحاول اللحاق بأبیھا في الیمن.
وفي 5 سبتمبر 2019 ،نجحت خدیجة في السفر إلى جنوب أفریقیا لتبدأ حیاة جدیدة ھناك. وقالت "عندما وصلت
ذھبت لمكتب اللجوء وأخذوا جواز سفري، ولم یھتموا بقضیتي".
وأكدت خدیجة أنھا تواصلت مع منظمة أسترالیة وفرت لھا محامیا للنظر في قضیتھا، لكنھ أخبرھا أن مكتب اللجوء
لا یصدق مشكلتھا وقد تعود إلى الریاض أو الیمن.
وأضاف المحامي "أعتقد المشكلة أن قصتھا لم ترو بشكل صحیح، المترجم الذي حضر الجلسة فشل في شرح قصتھا
ومعاناتھا والجوانب الھامة في قصتھا".
وأشار إلى أنھا تنتظر قرار المكتب، وفي حالة رفض تجدید اللجوء لھا سیتم الاستئناف على القرار في المحكمة
العلیا.
حاولنا التواصل مع المكتب في جنوب إفریقیا لكننا لم نتلق أي رد.
وطالبت خدیجة المنظمات الدولیة بالتدخل لإنقاذھا ومنع عودتھا لأسرتھا، لأنھم سیقتلونھا.