‘‘ليلة الدخلة‘‘: نساء يتحدثن عن تجربة زواجهن الفاشلة بسبب الليلة الأولى .. تحقيق صادم لبي بي سي يكشف كيف تحولت اللحظات الوردية إلى حمراء(صور)
الجمعة 15 نوفمبر 2019 الساعة 05:46
بالرغم من أن الزفاف يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام والتفكير في معظم المجتمعات، إلا أن له خصوصية أكثر في المجتمعات الشرقية. نساء من خلفيات اجتماعية مختلفة تحدثن إلى موقع بي بي سي عربي، عن أثر الليلة الأولى على مسيرة زواجهن، وكيف انعكس غياب الثقافة الجنسية والاجتماعية على حياتهن الزوجية. اقراء ايضاً :
من: اليمن الآن
هنا نعرض تجارب خاضتها نساء من فئات عمرية مختلفة. فهل تحدّت هؤلاء النسوة "الإهانة العاطفية" في أول خطوة من رحلة الحياة الزوجية أم خضعن للمجتمع الذي لا يرى أي مشكلة في موقف الزوج؟ سمية، 23 عاماً كان ذلك في أول ليلة جمعتهما، أي "ليلة الدخلة" التي اختفى فيها كل ذلك الحب بسبب شكّه "بعذريتها". تزوجت سمية في آذار/مارس الماضي، برغم معارضة أسرتها بسبب عدم وجود مسكن خاص به أولا، وعدم تخرجها بعد. لكنها أصرت على موقفها إيماناً بحبه ودعمه لها، وتحدت الجميع قائلة بأنها مستعدة للعيش مع والدته التي كانت تحترمها كوالدتها. وفي ليلتها، تلقت سمية الصدمة الأولى "بعد أن دخل عليها زوجها ولم يمهلها الوقت الكافي لترتاح، بل حاول فض بكارتها على وجه السرعة مبرراً ذلك بحبه الكبير لها". تقول سمية: "كنت متساهلة ومتعاونة، تحاملت على نفسي وقبلت رغم تعبي الشديد، لكن عبارات العشق والحب اختفت فجأة ، وتبدل وجهه وملامحه في لحظات، وقال بطريقة لا تخلو من الريبة والشك: لا توجد بقع دم". وعادة ما تواجه معظم النساء نزيفاً وإن بدرجات متفاوتة أثناء عملية فض غشاء البكارة. لكن بحسب الأطباء والمختصين، فذلك ليس شرطاً ضرورياً، ولا يحدث مع جميعهن. وهناك أشكال وأنواع عديدة للغشاء، فبعضها لا يتمزق إلا بعمل جراحي، وبعضها رقيق جداً قد يتمزق دون ظهور أي نزيف، كما أن بعض الفتيات يولدن بدون غشاء بكارة، أو قد يتمزق في طفولتهن إثر تعرضهن لحادث ما. وتصف سمية زوجها قائلةً: "في تلك اللحظة، كانت نظراته لي مثل خناجر غرزت في صدري، قتلني بها دون أن يدري، لم يحاول حتى التحدث إلي، وتركني مهملة كما لو كنت متهمة وانتظر محاكمتي". وتضيف: "كنا قد ناقشنا أموراً كثيرة قبل الزواج، حتى عن ليلة الزفاف التي كانت من المفترض أن تكون أسعد ليلة لنا، خُيل إلي أننا نعرف أشياء كثيرة عن بعضنا، لكن ذهب كل ذلك في مهب الريح بعد عدم ظهور إشارة ما يسمونه بالعذرية". وتعود عادة اختبار عذرية الفتيات إلى عصور قديمة، وتتفاوت أسبابها وطرق فحصها من مجتمع لآخر، وما زالت المجتمعات المحافظة تحتفل بعذرية الفتاة في ليلة الزواج بطريقة مبالغة، كأن يتم عرض ملاءة السرير على الأقرباء من الطرفين، وأحياناً تقام طقوس معينة تأكيداً على أهميته. وعلى الرغم من سهولة عملية إعادة رتق الغشاء بجراحة بسيطة، وتوفر الغشاء الاصطناعي الصيني الصنع منذ عقود كما في حالة الشابة روزانا، لا تزال الكثيرات منهن يواجهن نهايات مختلفة تصل إلى القتل تحت اسم "غسل العار". شعر زوجها بارتياح، وعادت الابتسامة إلى وجهه، لكن بعد فوات الأوان، فقد حسمت الشابة أمرها في قرارة نفسها، وقررت أن تطلب الطلاق بأقرب وقت ممكن". وتفسّر انتظارها لبعض الوقت في طلب الطلاق بالقول: "بات زوجي غريباً بالنسبة لي، خشيت من أن ينضم إلى ما قد يردده المجتمع حول عذريتي، لم أعد أتنبأ بما قد يفعل، كل شيء أصبح متوقعاً، فالذي ينسف سنوات معرفتنا ببعضنا البعض في لحظات، لا أمان لي منه على حياتي بعد ذلك". وتتوقف لبرهة وتضيف: "حقيقة لا أدري تماماً كيف أصف حالتي ومشاعري تجاهه بعد تلك الليلة، لكنني لم أكن أطيق العيش معه بعد أن اختزل كل ما املك من صفات وقدرات بغشاء لا أهمية له عندي، فأنا في نهاية الأمر، إنسان وليس مجرد غشاء لحمي". ساءت حالة سمية النفسية منذ ذلك الحين، إذ لم ترغب في استقبال أحد أو الخروج إلى أي مكان، كانت تشعر كما لو أنها تقوم بتمثيل دور الزوجة التقليدية التي لا حول لها ولا قوة إلا برضاه عنها بحسب قولها. لم تمارس معه الجنس خلال ثلاثة أشهر إلا بضع مرات ودون رغبة منها، وتقول: "عندما كان يضاجعني، كنت أشعر بالنفور، لم أكن أرغب به، ولم أشعر بأي شيء، لأن عاطفتي كانت قد ماتت في ليلتها، كنت أنتظر أن ينهي مهمته ويتركني، كانت ممارسة الجنس معه تُشعرني بالعهر لأنها لم تكن نابعة من الحب بل من واجب مفروض علي". وتقول الأخصائية النفسية أمل الحامد في حديث مع بي بي سي، عن الحالات النفسية للنساء في ليلة الزفاف والنصائح التي تساعد المقبلين على الزواج في عدم الوقوع في مشكلات ليست في الحسبان: "لم تجرِ عادة زيارة طبيب نفسي في مجتمعاتنا بسبب المعتقدات المسبقة الخاطئة". وتتابع: "مع الأسف يعتقد الكثيرون أنهم يعرفون الكثير عن المرأة ونفسيتها وجسدها والليلة الأولى، إلا أن التجارب المتكررة تثبت العكس". وفي معظم الأحيان تتفاقم المشاكل على المدى البعيد وتصبح أكثر تعقيداً بسبب تراكمها بدون علاج، لهذا، لا بد من تهيئة العروسين نفسياً للحياة الجديدة، أساسها التفاهم والثقة المتبادلة ومشاركة الأفكار" كما ترى. "دليل العفة" وربط معظمهم ظهور بقع الدم التي يرونها كدليل على عذرية الفتاة وعفتها، وبالتالي بداية حياة سعيدة مبنية على الثقة والتفاهم. تقول سمية: " كان مصدوماً مما قلت لأنه يعتبر أن من حقه كرجل أن يعلم أن زوجته لم تمارس الجنس مع أحد قبله، وأنه لن يطلقني ما حييت، وعلي أن أعقل لتصرفاتي المتمردة لأن نتيجتها الندم". وتضيف: "مجتمعنا مزدوج المعايير، فمغامرات الرجال الجنسية مقبولة بل تثير الإعجاب، أما فيما يخص المرأة، فمنبوذة وتصل عقوبتها إلى القتل، وزوجي الذي تركته، واحد من هؤلاء، يقهقه وهو يتحدث عن مغامرة جنسية سابقة بين الأصدقاء ويثور هائجاً لو أطلقت مجرد نكتة على سبيل المزاح". تركت سمية الأراضي السورية في حزيران/يونيو الماضي متوجهة إلى أوروبا بعد أن رفض أهلها تأييد فكرة طلاقها لأنهم اعتبروا أن السبب "تافه وسخيف". تعيش جمانة حالياً في بروكسل منذ عام 2016، وتقول: "كنت في التاسعة عشرة من عمري عندما قرر والدي تزويجي بابن عمي دون موافقتي، لم أكن أرغب به، كنت أعشق الدراسة، لكنهم أقنعوني أنه الشخص المناسب لي، وإنني سأتعود وأحبه لاحقاً". وجرت العادة عند الكثير من العائلات المحافظة والمناطق الريفية، أن ينتظر بعض كبار العائلة، رجالاً ونساءً في منزل العروسين ريثما يتم التأكد من "عذرية الفتاة" في ليلة الزفاف. وتصف جمانة بنبرة لا تخلو من الألم ما وقع في تلك الليلة وكأنه حدث للتو قائلةً: "أغلق الباب علينا وطُلب منا أن نسرع لأن كبار العائلة بانتظار الخبر اليقين". "كان الأمر سيئاً للغاية، لم يتحدث معي زوجي، بل سارع إلى إنهاء المهمة دون إجراء أي حديث معي ولو لدقائق، في حين كنت أرتجف خوفاً ولا رغبة به" بحسب وصفها. وتضيف: "لكن حدثت المفاجئة، رغم ألمي النفسي والجسدي، لم يكن زوجي مبالياً إلا بانتظار بقعة الدم". "لم أنزف في تلك الليلة، فما كان عليه إلا أن يكسر هدوء الليل بصوته العالي ويصرخ "لا يوجد دم"، مع إطلاقه لكلمات وألفاظ أخجل من قولها، كانت عيناه المحمرتان كجمرتين باستطاعتهما حرقي في تلك اللحظة". وتقول جمانة: "أتذكر الطبيب الذي بدأ بمواساتي كما لو أنه أبي، ووبخ زوجي بعبارات قاسية على ما فعله بي". عاشت بعد ذلك جمانة مكرهة مع زوجها الذي شهّر بها، لأن عائلتها وكل من حولها لم يدعموها أو يؤيدوها على فكرة الانفصال، لا في تلك الليلة ولا على مر 20 عاماً من المشاكل بينهما. لم تنسَ جمانة الإهانة أبداً، رغم مرور 20 عاماً، ورغم إنجابها لأربعة أولاد، إلا أنها انفصلت عنه حالما وصلت إلى بروكسل مع أولادها "انتقاماً منه ومن المجتمع" الذي لم يساندها بحسب تعبيرها. وتعيش جمانة مع أولادها في بروكسل، ولا تنوي الزواج مرة أخرى، بل تسعى إلى تحقيق حلم الدراسة التي انحرمت منه، ورعاية أولادها وبناتها بطريقة تختلف عما تربت هي عليها. وتضيف: "أنا سعيدة الآن لأنني استطعت أن أجلب ابنتَي إلى هنا، ولن يتكرر ما حدث معي، معهما أيضاً، لم أطلق زوجي فقط، بل طلقت ذلك المجتمع الذي لم ينصفني أبداً". رتق الغشاء ولكن وبعد ستة أشهر من ذلك، حدثت خلافات عائلية حادة بين أهلها وأهل خطيبها، "كانت الكارثة بأن انفصلا عن بعضهما البعض". وتضيف روزانا: "عقوبة فقدان العذرية لا تحتاج إلى نقاش في مجتمعنا، إنها القتل، ولحسن حظي ساعدتني صديقتي ونصحتني بغشاء صيني الصنع عند طبيبة تقوم بهذه العمليات بسرية تامة، ولولا تلك العملية الصغيرة، لكنت في عداد الأموات منذ سنوات". أما أمينة، وهي من عائلة محافظة وفقيرة مادياً، حدث لها وسقطت في الحمام على عتبة الباب، ونزفت قليلاً في ذلك الوقت، إلا أنها لم تفهم ما وقع لها، وأخبرت والدتها عن الأمر، التي سارعت بدورها إلى أخذها لطبيب نسائي لفحصها، وعلمت أنها فقدت غشاءها بحسب قولها. وتقول: "كان يوماً مروعاً بالنسبة لوالدتي، لم تعرف ماذا تتصرف، اجتمعت خالاتي الثلاث، ورتبوا لي موعداً لإجراء عملية إعادة رتق الغشاء بسرية تامة، لأن مثل تلك العمليات كانت ممنوعة في بلدنا، كما أن معظم الناس لم يكونوا ليصدقوا بأنني تعرضت لحادث، بل كانوا سيشككون في عذريتي ما حييت"..
|
أخترنا لكم
|