الحرب الإيرانية الأمريكية رسائل أم حقيقة... الأطراف والثمن وإسرائيل
الجمعة 17 مايو 2019 الساعة 07:30

تتزايد أصوات طبول الحرب في الخليج، بتهديدات أمريكية وردود إيرانية، ما يرفع وتيرة التوتر في المنطقة، مع وصول حشود عسكرية أمريكية، وعمليات تخريبية طالت ناقلات ومحطات نفطية.

وأخر هذه الخطوات كانت إعلان الخارجية الأمريكية عن سحبها للموظفين غير الأساسيين من سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل، لمخاوف تتعلق بسلامتهم، فيما قالت إيران أن قواتها المسلحة جاهزة وقوية ومستعدة للرد، لكنها لم ولن تبدأ أي حرب.

رسائل أم حرب

حول هذه التوترات في المنطقة يقول الخبير العسكر عمر معربوني من لبنان، في حديثه "لسبوتنيك" اليوم: نحن الآن في مرحلة فيها الكثير من الرسائل على المستوى العسكري والسياسي، ولكن حتى اللحظة لا شيء يشير إلى وقوع الحرب، عملية سحب جزء من الموظفين من السفارة الامريكية في بغداد، هو للإيحاء فقط بأن أجواء المنطقة تعيش حالة مخاطر، وللقول بأن المخاطر الأساسية في المنطقة تأتي من إيران.

ويتابع: بتقديري أن هذا السحب هو مسألة من جملة مسائل تذهب فيها أمريكا كإجراء فقط، وأن على إيران أن تبادر بالجلوس على طاولة المفاوضات للخروج من هذه المرحلة الخطيرة، وهذه الرسائل مفهومة، لكن رغم ذلك ورغم عدم وجود مؤشرات على حرب تذهب بالمنطقة إلى حالة المواجهة المفتوحة، أعتقد أن الحذر يجب أن يكون عنوان هذه المرحلة.

ويوافقه الخبير العسكري السوري العميد محمد ملحم من حيث أن الأمر هو عبارة عن رسائل ولن يكون هناك حرب، ويتابع: أعتقد أن الحشود العسكرية والأمريكية، وهي كافية للقيام بأي عمل عسكري وتدمير القوة العسكرية والاقتصادية الإيرانية، لكني أعتقد أنه نوع من أنواع الضغط، وهناك عملية تهويل كبيرة جدا، لكن في الوقت ذاته ترامب يدعو إلى التفاوض، وهي مسألة مفضوحة ومكشوفة.

ويضيف ملحم: إما أن يقوم ترامب بضرب إيران، فبحسب رأيي الشخصي أستبعد ذلك، لأن ردود الأفعال في المنطقة لا يمكن السيطرة عليها.

الثمن

وحول الفاتورة التي ستنتج عن الحرب يرى الخبير اللبناني معربوني: بالعودة إلى التاريخ وعلى مدى عقود طويلة من الزمن، وبمقارنة جميع الحملات والحروب التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية، من فيتنام إلى كوريا وأفغانستان والعراق وأماكن أخرى، النتائج المباشرة لكل هذه الحروب كانت مدمرة بالتأكيد، ولم تحقق الولايات المتحدة من خلالها الاستقرار المنشود ولم تحقق لها مجموعة الأهداف التي كانت تسعى لها، وبالتالي أي سيناريو لحرب قادمة في منطقة الخليج سيكون مدمرا على بلدان المنطقة، ولن يقدم للولايات المتحدة أي استقرار أو أهداف ترغب بها.

 أقرأ المزيد: ترامب يعلن حالة طوارئ وطنية لـ "حماية أمريكا من الخصوم الأجانب

ويضيف: بالتالي يجب على الولايات المتحدة أن تتخلى عن هذه النظرة بالهيمنة على مقدرات وثروات البلدان والشعوب، والبدء بإجراء تحول جذري في سلوكها واحترام الآخر والتفاهم والتعاون، وهو أمر استبعده الآن مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي تعتبر استمرارا للإدارات السابقة.

كذلك يرى نظيره السوري أن الثمن سيكون باهظا جدا، ويوضح: الولايات المتحدة ستدفع ثمنا كبيرا جدا، على الأقل الامدادات النفطية ستتوقف، لأن الضربات الأولى على ما أعتقد، لن تقتصر على القواعد العسكرية في المنطقة، بل ستطول مراكز تصدير النفط، حيث أن الهدف الرئيسي من كل هذا هو السيطرة على النفط ومنابعه، وأظن أن الحرب حاليا هي بشكل واضح بين بين محورين الأول هو الأمريكي الاستعلائي، والثاني يريد بأن يكون صاحب القرار، كما في سوريا وإيران وفنزويلا حاليا، وحتى الآن الأمريكيين لم يستطيعوا ان يستوعبوا أن روسيا عادت لتكون قوة عظمى.

من يشترك في الحرب من دول الخليج

يعتبر الخبير معربوني أن هناك عدة دول ستشارك في هذه الحرب المقبلة إن بدأت، ويكمل: عمليا أغلب دول الخليج ستشترك في هذه الحرب، والسعودية والإمارات ستكونان على رأس هذه الدول، وستدخل في أعمال حربية، خصوصا بواسطة سلاح الطيران، والتي تمتلك منه هذه الدول أحدث الأنواع، لكن المسألة هنا ليست مسألة سلاح الطيران فقط، فهي مرحلة شديدة التعقيد، وإيران تمتلك قدرة صاروخية كبيرة جدا.

ويضيف: الصواريخ الإيرانية تستطيع أن تغطي مساحات كبيرة جدا، تصل إلى حدود 3 آلاف كم بعيدا عن إيران، وبالتالي المنشآت الحيوية والإستراتيجية لدول الخليح هي ضمن المدى المجدي لهذه الصواريخ، وهذا سينعكس سلبا على دول الخليج، وكمثال بسيط إيران تستطيع تدمير محطات تحلية المياه في السعودية والإمارات، وهذا ما سيصعب الحياة كثيرا في هذه البلدان بشكل كبير.

أما الخبير السوري فيعتقد أن الأمر بيد الولايات المتحدة، ويشرح: الدول الخليجية ليس لها قرار، بل هي عبارة عن قواعد عسكرية تتلقى الأوامر فتتحرك، والمنطقة هي عبارة عن رقعة شطرنج، تحرك فيها الولايات المتحدة الأحجار بشكل يخدم الهدف العام لها، ونرى أن السعودية لها مشاكل في اليمن، وغير قادرين على الالتفات إلى مناطق أخرى، وكل شيء يتوقف على الأوامر الأمريكية.

موقف إسرائيل

أما عن موقف إسرائيل من الحرب فيقول معربوني: بمتابعة سير الأحداث الحالية وبالنظر إلى سلوك إسرائيل السابق والحالي، أعتقد أن حتى عمليات تفجير الناقلات في ميناء الفجيرة يحمل الكثير من أصابع الاستخبارات الإسرائيلية، حيث أن لإسرائيل رغبة في أن تصل الأمور إلى مرحلة الإنفجار في المنطقة، لأن إسرائيل هي المستفيد الأول مما يحصل حتى اللحظة، سواء على مستوى الصراع في سوريا والعراق وليبيا وكل مكان، او من التوتر الإيراني الامريكي في الخليج، واسرائيل تعتبر أن إيران تشكل خطرا جديا عليها، من خلال القوة الإيرانية الصاعدة بشكل مباشر، ومن خلال الدعم الإيراني لقوى المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان بشكل غير مباشر.

بالرجوع إلى تصريحات محور المقاومة في كل من لبنان والعراق وسوريا، هناك اتفاق واضح على أن أي مواجهة شاملة سيخوضها محور المقاومة مجتمعا، تحت عنوان وحدة الإرادات والجهات، وهذا المحور لن يترك إيران وحيدة في هذه الحرب، وسنحن سنكون أمام منطقة مشتعلة بشكل كبير.

أما العقيد ملحم فيرى: إسرائيل هي بيت القصيد في المنطقة كلها، حيث أن المشروع برمته هو السيطرة الصهيونية على المنطقة بشكل عام، صحيح أن الإدارة الأمريكية هي التي تتحدث، لكن المال الإسرائيلي هو من يحرك أمريكا بشكل عام، وإسرائيل ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه المرحلة، لأنها أحد الأهداف الأساسية في الحرب المقبلة، وهذا ما قصدته بعدم السيطرة على ردود الأفعال، فقد تبدأ الحرب، لكن إنهائها لن يكون سهلا.

وختم بقوله: أعتقد أن روسيا الاتحادية والتي أثبتت وجودها على كل الساحات، هي القوة الوحيدة في العالم، القادرة على السيطرة على مجريات الحرب إذا نشبت، وإيقافها.