شقيقة الرئيس " الحمدي " تخرج عن صمتها وتكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل توجهه لمنزل " الغشمي " ومن فتح له الباب وماذا سمع سائقة بعد لحظات فقط من دخوله ! (صور)
الثلاثاء 30 ابريل 2019 الساعة 00:24

نشرت صحيفة "ايلاف" قبل فترة حوارا متفردا اجراه الزميل " غمدان اليوسفي " مع شقيقة الرئيس الراحل " ابراهيم الحمدي " تضمن كشفا للكثير من التفاصيل المتعلقة بيوم اغتياله وملابسات جريمة هزت اليمن من اقصاها الى اقصاها ولاتزال تمثل لدى الكثير من اليمنيين طعنة غادرة لمشروع الدولة المدنية الحديثة التي ارتبطت بشخص الرئيس الحمدي  .


نعيد نشر الحوار لاهميته ولدحضة العديد من الوقائع التي ورد ذكرها في تحقيق استقصائي بثته قناة الجزيرة أمس الأحد بعنوان " الغداء الأخير".

اقراء ايضاً :

ثلاثة أعوام وأربعة أشهر ويومان أمضاها الراحل رئيسا لليمن قبل أن يذهب لدعوة غداء كان الغداء الأخير له ولشقيقه القيادي العسكري عبدالله.ورغم أن التفاصيل متداولة وغير مؤكدة من أي طرف من الأطراف لكن شقيقة الراحل تحدثت لنا لتكشف معلومة تحسم بعض الشك في مسألة مكان الاغتيال حيث تمت فبركة الحادثة حينها وتم تلبيس الراحل تهمة الاختلاء بفرنسيتين جلبتا خصيصا للحادثة، وظهر الحادث أنه كان لغرض أخلاقي وأنه تم قتل الرئيس وشقيقه بجوار الفرنسيتين اللتين كانتا مقتولتين أيضا.

تروي "صفية الحمدي" الشقيقة الأكبر للرئيس الراحل تفاصيل الحادثة لـ إيلاف حيث التقت أخاها الرئيس في منزله وهي قادمة من قريتهما "ثلا"-30 كيلومترا غرب العاصمة- بعد عودته من دوامه الرسمي.

تقول صفية: "وجدته عائدا من العمل وقال لي، أهلا أختي، متى جيت، قلت له الآن وصلت، ودار حديث عادي بيننا وقال إنه سيذهب لدعوة غداء عند الغشمي، رغم أنه كان يريد الغداء في بيته، لكن اتصلوا به وأصروا أن يحضر، قال لهم إنه تعبان ومرهق، وقدمنا له بطاط مع "السحاوق"-طماطم مسحوق مع الفلفل والبهارات- وكان قد بدأ يأكل البطاط وكان يحبها، وبعد قليل كنا سنقدم له الغداء، وكان معه شخص اسمه احمد عبده سعيد كان سيتغدى معه، وهو شخص قد توفي..

وكان يقول لهم ما فيش سيارة وبعدها رأى السيارة التي أتت بي من القرية، وقال لهم خلاص سيارة "أم عادل" موجودة، وهذا الموقف ما زال يحز في نفسي، كانت السيارة لم يمض على شرائنا لها سوى أيام من واحد جارنا في "ثلا".

تتابع: كنت أرغب في الجلوس معه لكنهم أصروا، وكان لم يمض على زيارته لي في القرية سوى 4 أيام، وقال لي خلاص انتظريني سأتغدى عند الغشمي وأرجع سريعا، وشفته آخر مرة من نافذة المطبخ".

وتضيف صفية: "انتظرت إلى الساعة الرابعة عصرا، ولم يعد، فغادرت منزله وعدت إلى القرية، وسمعت مثل الناس الفاجعة بأنهم اغتالوه هو وأخي عبدالله".

"عرفنا فيما بعد أن عبدالله استدعوه بحجة أن هناك سيارات جاءت هدايا وسنوزعها للوحدات العسكرية تعال استلم نصيب وحدتك، وتم التمويه على الاثنين لأنه عبدالله لا يحضر مكان فيه إبراهيم وكذلك إبراهيم الشيء نفسه.

أما ابراهيم قالوا له تعال نتباحث حول مسألة المفاوضات على الوحدة وهو كان مسافرا في اليوم الثاني إلى عدن، وقالوا له إن عبدالعزيز عبدالغني موجود –حاليا رئيس مجلس الشورى وحينها كان عضو مجلس القيادة.

قتل في منزل الغشمي

وعلى عكس ما تم تلفيقه حينها تنقل شقيقة الراحل معلومة مهمة، وهي إن "السائق الذي أوصل الرئيس الحمدي "قال لنا إن أحمد حسين الغشمي هو الذي استقبله في الباب وسلم عليه وأدخله، وبعد ابتعاده مع السيارة بقليل سمع إطلاق نار، قال إنه لم يبتعد كثيرا وقد سمع إطلاق النار ولم يكن يتوقع أن الرصاص كان في صدر الرئيس الحمدي".

وأضافت: "السائق كان هو السائق عندي، وأكد لي ذلك لكنه لم يكن يتوقع أن يكون إطلاق النار على الرئيس".

هنا انتهت حكاية الرئيس الذي حلم بأن يبحث اليمني "عن كوامن القدرة في أعماقنا وسنجدها لأننا شعب كريم عظيم" كما أوردت خواطر بخط يده، وأن "كل مواطن هو أخي وحبيبي، وسعادتي أن أراه حرا سعيدا، إنسانا منتجا قادرا وليس عالة على أحد، ولا يطلب الاستجداء من أحد".

ولد الحمدي في منطقة حدودية بين الشمال والجنوب اسمها قعطبة حيث كان والده قاضيا هناك أثناء فترة حكم الإمام يحيى بن حميد الدين، في العام 1943 حفظ القرآن الكريم وتعلم القضاء على يد والده في سن مبكرة.

ارتبط بوالده كثيرا وساعده في أعمال القضاء في عدة مناطق من اليمن حتى بعد قيام ثورة 1962 ودرس في الكلية الحربية وأصبح في عهد الرئيس عبدالله السلال وهو أول رئيس للجمهورية بعد الإطاحة بالملكية أصبح قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى.

وفي العام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، وفي 13 يونيو 1974، قام بانقلاب عسكري أبيض أطاح بالقاضي عبدالرحمن الارياني في حركة أسميت حركة الـ 13 يونيو التصحيحية.

قام الحمدي بتوديع الرئيس الإرياني رسميا في مطار تعز مغادرا إلى دمشق المدينة التي اختارها للإقامة مع أفراد عائلته.

القبيلة والتحديث

كان أبرز خطوط النار التي اقترب منها كثيرا هو الحد من سلطة المشائخ القبليين ونفوذهم وأقصى عدد منهم من المناصب العليا في الجيش والدولة.

كان رجلا بسيطا ولا يحب المظاهر واكتفى بالعيش في بيته المتواضع وسط العاصمة متنقلا بينها وبين قريته واصطحب سيارة فيها أربعة حراس كانت هي كل موكبه وكان يستغني عنهم في أوقات كثيرة كما روت شقيقته.

بدأ الحركة الأبرز في حياة اليمنيين وهي إنشاء "الاتحادات التعاونية" التي كانت عبارة عن مجالس محلية تكفلت بشق الطرقات وإنشاء المدارس في حركة دؤوبة هي الأولى من نوعها، وتقبلها الناس بحب.

الحمدي
وجدت هيبة الدولة بقوة، أو بالأصح "هيبة الحمدي" في كل أرجاء البلاد وبدأ يسعى إلى التوسع في علاقاته من خلال الخطوات الأولى لإقامة الوحدة اليمنية والتقى الرئيس الجنوبي سالم ربيع علي الذي قتل بعده في الجنوب بأيام.

وعلى المستوى الدولي اعتبر مؤتمر الدول المطلة على البحر الأحمر الذي طرح فكرته مزعجا لبعض الأطراف الدولية.

عاش اليمنيون أثناء فترة الحمدي أفضل سنوات عهد الجمهورية كما يجمع الشارع، حيث لمس الناس نوعا من العدالة وحداثة التفكير في ظل شعور بعدالة لأول مرة تعرفها اليمن.

ما يؤخذ على الحمدي أنه كان معاديا لطبقة المشائخ القبليين على اعتبار أنهم أداة تؤخر النمو والتحديث، وأداة مصالح فردية كما كان يرى، في حين كان مشروعه أن قادة البلد "خدام للبلد، وليسوا سادة عليه" كما كان يقول.

الملف ما زال مغلقا

أغلق ملف اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي وشقيقه في يوم مقتله في 11 أكتوبر 1977، وصعد الرئيس أحمد الغشمي رئيسا، لكنه قتل بحقيبة ملغومة أرسلت من النظام الجنوبي بعد أشهر من توليه الرئاسة، يقال إنها انتقاما لمقتل الحمدي.

بعدها أغلق الملفان نهائيا وتولى الرئيس علي عبدالله صالح الحكم في العام 1978 وحتى اليوم ما زال الملف مغلقا، وكأنه طوى فترة من الزمن لا يسمح بالاقتراب من تفاصيلها.

تقول صفية الحمدي إن " الحقيقة ستخرج أكيدا في يوم من الأيام، خصوصا حين ينتهي هذا "النظام".

تضيف: "المسألة ليست في إبراهيم الحمدي أنه كان جيدا وحسب، لكن لو كان أتى من يسير على درب الحمدي أو أفضل منه فأعتقد أن الناس كانوا سينسونه!".

رحل الحمدي مخلفا 3 أبناء وبنت لا أحد يعمل منهم مع الحكومة، اثنان مغتربان أحدهم في لبنان وآخر في الصين وثالث يجلس في منزل والده المعهود في العاصمة وفي المكان نفسه.

الأكثر زيارة