ربع قرن يمر على "الربيع العربي" الدامي في الجزائر
الجمعة 4 اكتوبر 2013 الساعة 12:46
 

تمر غداً السبت 25 سنة كاملة على اندلاع "الربيع العربي" في الجزائر،
وسط جدل سياسي حول نتائج ثورة الجزائريين يوم 5 أكتوبر 1988، واتهامات للسلطة باحتواء هذه الاحتجاجات التي أطاحت بالحزب الحاكم وقتها، جبهة التحرير الوطني، لكنه عاد ليحكم البلاد اليوم بعد ربع قرن من تلك الاحتجاجات.
وقتل في هذه الاحتجاجات حسب إحصائيات رسمية 169 شخصاً، بينما يرتفع العدد لدى المعارضة إلى ما لا يقل عن 500 قتيل وآلاف المفقودين قسراً.
وكما حدث في دول الربيع مطلع العام 2011، عاش الجزائريون هذه الأحداث بقسوة أكبر في غياب عامل مهم، وهو وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد أثر ذلك في نقل الصورة كما حدثت، ومنح السلطة فرصة التعامل مع الاحتجاجات على طريقتها.
ثورة اجتماعية
 
علي بن حاج نائب رئيس جبهة الإنقاذ
 
ويرى مراقبون أن أسباب "الربيع العربي" في الجزائر وقتها، كانت بالأساس ذات طابع اجتماعي، بسبب تراجع القدرة الشرائية الناتجة عن انهيار أسعار البترول، المصدر الرئيس للدخل في الجزائر.
وخلال سنتين، أي من عام 1986 وحتى 1988، دخلت الجزائر في أزمة اقتصادية، حيث لم يعد في قدرة البلد حتى استيراد القهوة والدقيق، وبرزت معها أيضاً صراعات بين أنصار وخصوم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد داخل السلطة.
وكان لافتاً قيام عمال مؤسسة صناعة السيارات "سوناكوم" يوم 25 سبتمبر 1988 بالاحتجاج لأول مرة، قبل أن يتحرك الشارع يوم 4 أكتوبر في حي باب الواد الشهير بالعاصمة.
ثم بدأت شرارة الاحتجاجات تعم شوارع العاصمة في يوم 5 أكتوبر، ومع نزول قوات الأمن لقمعها، انتشرت شرارة الأحداث في كبريات المدن الجزائرية، بقسنطينة ووهران وعنابة.
وعلى طريقة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس المصري حسني مبارك، والعقيد الليبي معمر القذافي، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، سبقهم وخرج الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، يوم 10 أكتوبر 1988 ليخاطب جموع الغاضبين داعياً إياهم للهدوء والتعقل.
وكشف في حديثه عن تغييرات مرتقبة استجابة للاحتجاجات، وكان بارزاً رحيل الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، محمد الشريف مساعدية، وخلفه الأمين عبدالحميد مهري.
"الربيع العربي" الجزائري أفرز دستور التعددية
 
وزير الدفاع خالد نزار
 
وفي فبراير1989، وتحت ضغط الاحتجاجات والخلاف داخل أجنحة الحكم، ظهرت توجهات الرئيس الشاذلي بن جديد نحو الإصلاح، فقرر تعديل الدستور وإقرار التعددية السياسية لأول مرة.
ومكّن ذلك، من ظهور أكثر من 60 حزباً سياسياً تمثل تيارات مختلفة، إسلامية وعلمانية وشيوعية ووطنية.
وكما حدث في عدد من دول "الربيع العربي"، ركبت الأحزاب الدينية في الجزائر موجة الاحتجاجات وحققت مكاسب انتخابية في "الديمقراطية" الوليدة في الجزائر، وصعد نجم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي نجحت في الفوز بعدد معتبر من المجالس المحلية، لكنها كانت تتجه للاستحواذ على برلمان الجزائر بعد فوزها الساحق في انتخابات ديسمبر1991، التي جرى لاحقاً إلغاؤها بقرار من الجيش.
وتسارعت الأحداث في أيام قليلة، طلع فيها الرئيس الشاذلي بن جديد يوم 12 يناير 1992 معلناً تنحيه من السلطة، وحل البرلمان، لتبدأ معها الجزائر مرحلة دموية من الصراع.
حزب "الربيع العربي" يعود إلى الواجهة في عهد بوتفليقة
 
الرئيس الشاذلي بن جديد يتوسط حمروش وبلخير
 
ومعروف أن الجزائر دخلت حرباً أهلية خلفت ما لا يقل عن 200 ألف قتيل وخسائر اقتصادية بقيمة لا تقل عن 20 مليار دولار، استدعت لاحقاً الدخول في مسار وئام ومصالحة وطنيين، لم ينته إلى اليوم، بإشراف كل من الرئيسين اليامين زروال وعبدالعزيز بوتفليقة.
وحسب إحصائيات رسمية صدرت قبل أيام، فقد مكن هذا المسار على الأقل من استسلام 15 ألف مسلح في الجزائر، ومكّن السلطة من إعادة إحياء الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، التي ثار الشباب الجزائري ضد حكمه ونتائج تسيير البلاد منذ الاستقلال وحتى عام 1988.
ومع الإقرار بوجود اختلافات بين تجارب الدول، وفي ضوء استقراء لتجربة الجزائر مع "الربيع العربي"، يطرح خبراء تساؤلات حول مدى قدرة الأنظمة التي أسقطها "الربيع العربي" على العودة إلى الحكم بعد سنوات الفوضى، كما حدث في الجزائر.