قد أكون من الواصلين متأخِّراً في زفّة ( 10 أيام قبل الزفّة ) ، الوصول المتأخر هذا يجعل مجرد التفكير في الكتابة عن الفيلم مخاطرة كبيرة ، لأنه إن كنت ستكتب لتتلخص كتابتك في فكرة واحدة - فقط - هي أن الفيلم ممتاز وأنه عمل رائع فما من ضرورة لذلك ؛لأن قبلك المئات إن لم يكن الآلاف قد أعلنوا له و علّقوا ملصقاته ومنحوه ما يستحقه من إشاده .
ولأن الفريق الفني للفيلم كان قد صنع سوراً إلكترونياً شديد الحراسة على مدى الأشهر الماضية ، سوراً صعُب اختراقه إلى درجة استفزازنا نحن الذين تمكّنا من مشاهدة أفلام عالمية مثل ( الجوكر و الحصان البري وكفر ناحوم والطفيلي و سوبر 30و...... ) بعد فترة وجيزة من طرحها للعرض إلا أن فيلم الأيام العشرة قد استعصى علينا بحصانته الرقمية القوية ، وإذا أضفت لهذه الحصانة انعدام عرض الفيلم هنا في الصين فسيكون الوصول المتأخِّر مبرراً جداً ، ولن يأتي أحدهم ليفرد أمامك المثل اليمني المستهلك : ( الناس خارجين من السوق وزعكمة داخله ) .
الفيلم الذي فُتِح الباب أمام الجميع لمشاهدته أخيراً ، عَبَر بنا بوابة واقعية جداً وظل وفياً لمبدأ الواقعية هذا حتى الجملة الأخيرة : (خليهُ عندك با نطلِعوه بيت الجبل ) ، التي ضُغِطت فيها الكثير من الأقوال والأفكار والمشاعر التي تتفجر بسهولة في ذهن المُشاهِد .
الفيلم العدني ولا يجوز تسميته بغير ذلك إذ أن مصطلح الفيلم اليمني فضفاض أكثر من اللازم على الفيلم ، وسواءً اعتُبِر هذا الأمر ميزةً أم عيباً لكنه حقيقة إذ لا انتماء أبداً للفِلم لغير عدن ببساطتها ومدنيتها وحتى بلطجتها المستحدثة ، إذ تبدو البلطجة على العدني الأصل شيئاً متكلّفاً تماماً كما أظهره الفيلم في عبارة : ( قيمتك حبه رصاص ) .
طوال الفيلم تظهر الحرب ككلمة السر التي تُجيب عن أي سؤال يطرأ في ذهن العدني المعايش أو الشخص المُشاهِد ، إذ كلما تساءل أحد :
لماذا يحدث هذا؟! تظهر الحرب على كل مبنى مُهدّم أو شارع مُكدّس بالحُطام لتجيب عن هذا السؤال ولتؤكد أن حالة الحرب مستمرة حتى ولو لم تعد القذائف تتساقط بشكل مباشر ، مع إشارة لا أجزم أنها كانت مقصودة لكنها إن كانت كذلك فهي التفاتة ذكيّة ، تلك التي أشارت إلى كون القات المسؤل رقم 2 في هذه المأساة ، أو قل نائب الرئيس إذا ما كان الرئيس هنا هو الحرب .
بالتأكيد هناك الكثير ممن بالغوا في تمجيد الفيلم وإعطاءه مدىً أكثر من مداه الحقيقي بل وظلموه بوضعه بين أعمال كبيرة إذ أن وضعه في هذا المستوى المرتفع يُعرِّضه للكثير من النقد اللاذع الناشئ حتماً عن مقارنة غير عادلة ، إلا أنه مهما كان ذوقك الفني ورؤيتك التقييمية سيكون هناك الكثير من الأشياء ستحترمها وأنت تشاهد الفيلم :
أداء سالي و بكار وهشام وقاسم عمر ، الاكتفاء بالرمزية في مواقف لا تحتاج لأكثر من الرمز ، وأشياء أخرى ستجعل الفيلم ومضة جميلة في سماء عدن التي نُكِبت في تاريخها كثيراً .