أ. محمد الدبعي
تريدون ديمقراطية؟؟؟
إذا فلتكونوا محترمين! واحترموا وطنكم وشرفكم الحزبي! نحن نريد ديمقراطية صحيحة ذات مصداقية، ومحاطة بساتر أخلاقي متين يحميها، ويمنع التلاعب بها أو إستغلالها في مآرب وأجندات لا تخدم الوطن والمواطن.
فلتكن تنافسية ديمقراطية شريفة بأجندات وطنية خالصة، وبرامج حزبية وانتخابية بناءة تاخذ بالوطن والمواطن إلى الأمام، وتكمل مسيرة بناءه وتقدمه، وترفع مستوى الوعي الجماهيري، وتخدم المجتمع بكل فئاته وطوائفه وانتماءاته العقدية والفكرية.
أما غير ذلك فهو خيانة للوطن، وجرح للإخلاص وللوطنية، ومخادعة للمواطن، وعمالة للخارج!
كن شريفا وجديرا بالفوز الإنتخابي! كيف ستخدم الوطن وأنت تريد الفوز بالتزوير وشراء الذمم والأصوات؟؟؟
كيف أئتمنك على الوطن وأنت تخون أمانة الصوت والبرنامج الانتخابي؟؟؟
عندما تسعى للفوز بهكذا طريقة فإن ذلك يعني ثلاثة أشياء:
ألأول: أنك غير أمين، وغير جدير بالثقة لكي أعطيك صوتي.
الثاني: أن أهدافك غير نبيلة وغير وطنية.
الثالث: أنك عميل، وتخدم أجندات خارجية ضد الوطن والمواطن.
ماحصل في تركيا صورة طبق الأصل لما ذكرته آنفا، وبالخصوص في أكبر وأهم مدينتين وهما أنقرة وإسطنبول.
لكن الذي حدث في أسطنبول فهو الأكبر لأنها أهم مدينة تركية وأكبرها كثافة سكانية إلى درجة أنهم قالوا أن من يسيطر على إسطنبول فهو الذي يحكم تركيا.
والتزوير الذي حصل فيها متعدد الأوجه: شطب وسرقة أصوات، ونقل اشخاص من مدن ومناطق أخرى إليها، وأسماء وهمية في عناوين وهمية، وخلط في عد الأصوات، وتحويلها إلى المنافسين للحزب الحاكم بحيث يفقد هذه الأصوات، وتحسب لغيرهم. وكل ذلك تم طبعا بالمال السعودي الإماراتي، والتخطيط الغربي، والإستشاري المصري، والتنفيذ المحلي.
المنافسة كانت شديدة بين مرشح الحزب الحاكم -العدالة والتنمية-، الشخصية المعروفة ورئيس الوزراء الأسبق بن علي يلدريم، وبين مرشح الحزب المنافس القومي -حزب الشعب الجمهوري-، ومرشحة النكرة إمام أوغلو.
وجاءت النتيجة بفوز مرشح المعارضة أوغلو وبفارق طفيف.
وبما أن العرس ديمقراطي، واللعبة إنتخابية، فإن من أدواتها حق الطعن في النتيجة عند اللجنة الإنتخابية إذا شعر أحد الأطراف بالظلم أو التزوير، فيحق له ان يتقدم بطعونه مسببة وشارحة فكرته ورؤيته، وله الحق أن يطالب بإعادة الفرز ومن ثم إعادة الإنتخابات إن لزم ذلك وكانت عملية التزوير كبيرة وواسعة.
فلما نظرت اللجنة العليا للإنتخابات في حقيقة الطعن الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية، وبعد تقص للحقائق وجدت أن الطعن كان في محله، وأن الخرق التزويري كبير وعلى عدة مستويات يصعب معه رقعه. فقررت إعادة الإنتخابات في مدينة إسطنبول بالكامل.
هنا برزت أصوات "حكيمة" تخطيء حزب اردوغان بسبب مطالبته بإعادة الإنتخابات، مبررين انتقاداتهم "الحكيمة" بالآتي:
١- إعادة الإنتخابات سوف يعطي انطباعا سيئا عن الديمقراطية التركية لدى الغرب.
٢- كان عليهم أن يتحملوا النتيجة، ويتركوا مرشح المعارضة يستولي على السلطة، ثم في الدورة القادمة يسقطونه.
أقول لهؤلاء الخنع، ذوي العقول اللزجة، والروح الانبطاحية، والنفس الإنهزامية، أقول أنتم لديكم غباء مستفحل لأنكم لا تتعلمون من الماضي، ولا تستفيدون من أخطائكم السابقة، بل كالساذج الذي يتلذذ حين يلدغ من نفس الجحر مرات ومرات.
أقول لهم أنتم إنهزاميون ودراويش، وليت جزءا من الروح القتالية والإرادة الصلبة التي لا تنكسر التي لدى أعداء الشعوب ليتها فيكم. وهل من نفذوا التزوير لم يرتكبوا هذه الجريمة إلا خدمة للغرب الحاقد على تركيا؟ فماذا يهمك رايهم وهم من خططوا ودبروا لذلك؟
ينهزم الحق دائما عندما لا يكون معه رجال تدافع عنه وتنافح وتكافح من أجله.
تضيع الحقوق عند مصطلح السلمية والسلامة المبالغ فيها، لأنه عندئذ يصفو الجو للعدو، وتخلو له الساحة فيتنطنط فيها كيف يشاء.
ثم بعد ذلك يبدأون في عكس حركة دوران عجلة التنمية والعملية الديمقراطية، فيخلطون الأوراق، ويحورون الوقائع، ويزيفون الحقائق.. ثم تبدا عملية الهدم بمعاول الخونة والعملاء والإنتفاعيين.
كيف تسمح لمجرم ارتكب خيانة عظمى وهي العمالة للخارج وتزوير الإنتخابات في أن يتقلد مقاليد السلطة ويتحكم في البلد؟؟؟ هؤلاء زي النساء، إن سمحت لهم بعض أصبعك طلبوا ذراعك، وكما يقول المثل اليمني سمحنا لها تغني قالت تشتي ترقص.
الخونة لا يصلح معهم إلى الشدة والقانون.
في مثل هؤلاء الخونة يجب أن ياخذ القانون مجراه، ويقدموا لمحاكم العدالة المدنية للمدنيين، والعسكرية للعسكريين. أمثال هؤلاء مكانهم السجون، ثم تسحب منهم حقوق الممارسة السياسية.
ولذلك فطن حزب العدالة والتنمية لهذا، فطعن في النتائج وكان له ما أراد بعد أن أكدت اللجنة العليا للإنتخابات عمليات التزوير الواسعة، فألغت النتائج وأقرت جولة إعادة في كامل مدينة إسطنبول، وهذا الفرس وهذا الميدان ياحميدان.
قالوا لحزب العدالة والتنمية عديها وغض طرفك عن التزوير وتقبل النتائج، لكن الحزب فطن، ويعلم أن لهذه الجولة الإنتخابية مابعدها، ففيها يقضى على مستقبل تركيا النهضة والبناء. ليست العملية كما يتخيلها أصحابنا السذج، بل يبنى عليها مستقبل أمة بأكملها إن هم سمحوا لهم اليوم بالفوز عن طريق التزوير في الإنتخابات البلدية، فغدا سيكون التزوير أكبر وأشد في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
لذلك كان مما قاله أردوغان ردا على مثل هذه الترهات: إن شفقنا عليهم اليوم.. فمن سيشفق علينا غدا!