أ. محمد الدبعي
هزة قلم!... هادي في وادي الضباع!
الضباع من الحيوانات المفترسة، تعتمد في غذائها بشكل أساسي على تناول الجيف الميتة، لها أسنان وفكين قويين وأضراس كبيرة لتساعدها على تقطيع فريستها، ونقلها من مكان إلى آخر، فهي تأكل كل الفريسة، بما في ذلك العظام.
وتمتلك حاسة شم قوية جدا تساعدها في معرفة مواقع الجيف، وتهاجم الفريسة بشكل جماعي .
وعندما تهضم طعامها، يتحول إلى براز أبيض اللون، فإذا وجدتَ أكواما من هذا البراز الأبيض فهذا رسالة من هذه الحيوانات الماكرة أن هذه الأرض لنا وعشيرتنا.
وهي معروفة بإصدار أصوات ثرثرة يشبه الضحك والصراخ، وتتحرك في مجموعات تسمى حزم "أحزاب".
أيها الناس!
إنتقدوا هادي كيفما شئتم، وحملوه وزر أوضاعكم، وخطيئة سؤ أحوالكم!
الكلام مسموح لكم، والنقد مجاني وجائز ومطلوب، لكن النقد يختلف بين بناء وهدام، وبين حقيقي ومزيف، و بين نقد طوعي ونقد مدفوع.
الرئيس هادي حفظه الله تعالى من إنتاج ثورة فبراير المجيدة. فهو لم يختارها، وإنما أختير لها بالتوافق. ووجد نفسه في أرضية وحلة غاصت فيها قدماه حتى خاصرته، بل وجد نفسه في وادي الضباع المفترسة. منظومة سياسية فاسدة من رأسها حتى أخمص قدميها، لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا: عفاش وزبانيته، الإصلاح وحاشيته، الناصري والبعثي ومنافقوه، الإشتراكي ومدلسوه، والشيعي وكافروه.
وجد هادي نفسه بين هذه الضباع لا وازع دين يردعها ولا شيم خلق تمنعها، وكل منها يحاول شده إلى ناحيته والإنفراد به وابتزازه، فجعلوه كالتائه الشارد بينهم وليس له نصير أو معين.
الجيش والحرس العفاشي كله خارج المنظومة الرئاسية وتتبع المجرم عفاش.
حزب المؤتمر لم يكن سوى مزهرية لعفاش لا قيمة لها، وأعضائه كالورود تباع وتشترى في الأسواق يضعها ويستبدلها كيف شاء وحين يشاء.
حزب الإصلاح هو كذلك مكون من إسلاميين وقبائل متأسلمة ولائها للقبيلة والهاشمية أكثر منه للحزب.
وبقية الأحزاب كالدراجات النارية على قارعة الطريق تقف لمن يستوقفها، ويركبها من يدفع أكثر.
وبما أنه رئيس توافقي فإنه ليس لديه القدرة على إتخاذ القرار إلا بالتوافق، والتوفيق بين قطعان الضباع يكاد يكون مستحيلا. لذلك نقول أن الجميع حوله كالضباع القذرة المتوحشة، فقد جعلوا من جسد الوطن جيفة تنهشها بأسنانها وأضراسها القوية فلم يبقوا منه شيئا حتى عظامه طحنوها، وجعلوا من الرئيس فريسة قادها حظها العاثر إليها.
يسترضي من أو يرضي من، يستميل من أو يميل إلى من، يفر ممن إلى من؟؟؟!
وفي نفس الوقت كان اللاعب الأبرز عفاش الذي بيده لا تزال كل مفاتيح اللعبة يكيد ويكيد، ويفتح أبواب قصوره على مصراعيها لأعداء الثورة والوطن - الحوثة وإيران - نكاية بالثورة والثوار، وكذلك لأن هذا مذهبه وهو أن الحكم لا يخرج من يد الهاشميين الشيعة (منذ ما يقارب ألف عام).
أما الإصلاح الذي من المفروض يكون اشرف الأحزاب، فإن أغلب قياداته هاشمية قبلية تقودها عنصريتها إلى محاربة الحزب نفسه ومحاربة الرئيس هادي وتوجهاته الوحدوية الوطنية الصادقة.
ظلت هذه الأحزاب التافهة تتناوش وتتقاتل فيما بينها وتنهش بعضها، حتى باغتهم الحوثي في عقر دارهم في العاصمة صنعاء، وعاث في الأرض فسادا، ثم ختمها بقتل الساحر الأكبر.
فلما ضاقت السبل بفخامته، فر من اليمن يستجير بالأشقاء الأنذال تحالف الغدر والخيانة، الذين خدعوه وجاءوا لأغراض دنيئة، لكن المؤكد أنهم لم يأتوا لأجل اليمن واليمنيين، فكان هادي بالضبط كالمستجير من الرمضاء بالنار.
هادي ليس معصوما، بل ارتكب العديد من الأخطاء القاتلة بالتأكيد، لكنه لا يلام فهو نفسه ضحية وادي الضباع. وكيف يلام من ليس له سمع ولا طاعة؟
كيف يلام الضحية المحاصر بالضباع المفترسة من كل جانب؟؟؟
ورث هادي تركة صالح المثقلة بالفساد والفوضى والصراعات المذهبية والعنصرية فطحنته بكلكلها، فلا هو استطاع أن يكسبها ويصحح مسار الدولة، ولا الأحزاب المتناحرة قدرت أن تكسبه وتجره إلى مستنقعها.
فر هادي مستنجدا بالجيران المتربصين باليمن وأهلها، فلحقته هوامير الفساد السياسي بكل أطيافه، وشيوخه القبليين والدينيين، جارين بأسنانهم جسد اليمن كله إلى الرياض، فابتلعت اليمن وابتلعتهم، فلم يعودوا أحياء بل أمواتا تتنفس اصطناعيا، ولأن حاسة شمهم قوية فقد تتبعوا مواقع الجيف فوجدوها على موائد الرياض، فهم يأكلون من نجاساتها، أجسادهم جميعهم غذيت وتغذى من ميتة وسحت، فالنار أولى بها.
يجد هادي نفسه محاطا بخونة يمنيين وعرب، تكالبو ليس عليه وحده بل على اليمن والشعب اليمني. التحالف يريد إبتلاع اليمن وجعلها تحت الوصاية، والخونة اليمنيون يريدون نصيبهم من الصفقة، وكل قطيع يتبرز برازه الأبيض ويصر على أن هذه الأرض له ولعشيرته، وطز بالوطن وليذهب الشعب إلى الجحيم.
يثرثرون ويضحكون ويتصارخون كالضباع، ويهاجمون الرئيس جماعات جماعات، وكلهم يريد التخلص من هادي الذي يمثل الشوكة ذات الأذرع في حلوقهم، لا قادرين يبتلعوها، ولا هم قادرين يتخلصوا منها.
الوطن يحتاج إلى ثورة جديدة حارقة مارقة تستكمل ما عجزت عنه ثورة فبراير.