صالح حسن ابو عسر
الأحد 9 ديسمبر 2018 الساعة 15:59
التعليم الصيني(( الإصلاح والإبتكار )) نموذج يجب الاقتداء به
صالح حسن ابو عسر

 ‏
الثقافة الكونفوشيوسية أعلت من شأن العلم والتعلم وصنعت قداسة خاصة للمعلمين في نفوس أبناء المجتمع الصيني القديم،  ومازال الصينيون يتوارثون ثقافة إجلال المعلم إلى اليوم .
ورغم أن الدولة الصينية الحديثة تأسست عام 1949 م إلا أن  النهضة التعليمية الصينية قد بدأت في نهاية سبعينيات القرن المنصرم عبر سياسة 
‏إصلاح التعليم وابتكار  طرق أكثر عملية لتطويره .
في الخامسة فجرا  أو بعدها بقليل يستيقظ الطالب الصيني و عند السادسة والنصف يكون قد بدأ بتلقي تدريباته الصباحية الإلزامية ، يغني النشيد القومي ويتوجه إلى غرفة الصف ،يبدأ درسه الأول عند السابعة والنصف و عند الحادية عشر وعشرون دقيقة تبدأ استراحة الطلاب لتناول الغداء ،والاسترخاء حتى 2:00 عصرا . 
يرن  الجرس معلناً انتهاء فترة الاستراحة وتبدأ الفترة الثانية حتى الخامسة مساءً وحينها ينتهي الدوام الإلزامي، ليعود الطلاب -الذي يسكن أغلبهم في السكن الداخلي للمدرسة-  للاستعداد ليوم آخر من التعليم.
 نظامٌ صارم يسري على جميع مدارس جمهورية الصين تتبناه الدولة بإشراف وزارة ‏التعليم ومؤسساته عبر  نظام شبه موحد تتبعه حكومات المقاطعات والمدن المختلفة.
 و ترتكز عملية إصلاح التعليم وتطويره في الصين على العديد من الأسس أهمها :
-(التعليم والتعلم مدى الحياة) شعار المؤسسات التعليمية الصينية لمواجهة النمو السريع للعلوم والتكنولوجيا في جميع أنحاء العالم ،فالمعلم هنا هو متعلِّم  في الوقت ذاته ، لابد له من الاطلاع على كل جديد و توظيفه في إكساب طلابه المهارات التعليمية والحياتية المختلفة .
-تشجيع الطلاب المتميزين وأصحاب الكفاءة والمهارة على الإلتحاق بكليات إعداد المعلمين ، وبعد تخرجه يجب على المعلم الجديد أن يعمل كمُتدرب برفقة  معلم ذو خبرة جيدة و لفترة زمنية كافية وكفيلة بإكسابه  مهارات المعلم الجيد .
-الانضباط والإلزامية  والتمسك ب التقاليد، وهذا المبدأ يساعد في بناء الشخصية الصينية المُترعة  بروح المسؤولية واحترام القانون والالتزام به.
 -تكافؤ الفرص :وذلك عبر سياسة مجانية التعليم وإلزاميته و تشريع القوانين التي تحقق هذا المبدأ ، ف القانون الصيني يمنع المعلم من إعطاء دروس التقوية خارج الدوام المدرسي بل ويمنعه حتى من قبول الهدايا من أولياء الأمور ،،و تشريعات كهذه أسهمت عملياً  في جعل نظام التعليم الحكومي الصيني نظاماً رائداً وفعّالاً .
-الكفاح والمثابرة ، هنا لا يؤمن المعلم الصيني بفكرة أن هناك طالب موهوب وآخر غير موهوب ،  لن تجد أبداً  معلماً صينياً يخبرك بأن ابنك ليس لديه ميول في الرياضيات مثلاً أو أنه ليس موهوباً في الرسم أو الموسيقى بل  سيقول لك إن تَعِب واجتهد  يمكنه عمل ذلك ‏) 
تخبرني الاستاذة zhu وهي زميلة لي و معلمة تدرِّس اللغة الصينية قائلة : ( النظام التعليمي الصيني يعد الطالب ليتمكن من العيش بطريقة ملائمة  في المجتمع الصيني بينما قد يواجه صعوبة في العيش خارج الصين ) . 
هنا يزداد حجم الإنفاق على التعليم لتتجاوز الزيادة السنوية 13% حسب استطلاعات صحيفة الشعب اليومية .
نظرياً  تتعرض التجربة الصينية في التعليم للكثير من النقد  لكن عملياً  يحصد الطلاب الصينيون المراتب الأولى في امتحان التعليم الدولي ( Pisa ) الذي يقيس أداء الطلاب -في سن الخامسة عشر عاماً -في الرياضيات والقراءة والعلوم.
( الإصلاح والابتكار )تجربة صينية رائدة وقابلة للتطبيق في الكثير من جوانبها على أنظمة التعليم في بلداننا  العربية. 
         صالح أبوعسر