لقاء ولي العهد الإماراتي (محمد بن زايد) بقيادة حزب (الإصلاح) لتبادل المجاملات الودية والتباحث حول مستقبل اليمن، خطوة مهمة على طريق استكمال التحرير؛ إذا صدقت النوايا.. وصدَّقتها المخابرات، ما لم فهو إعلان رسمي لانتهاء حرب المُلاسنات والاتهامات بين مؤيدي الطرفين.. وبدء هدنة حتى إشعار آخر.
وكان للسعودية الفضل في التوسط وتشجيع الجانبين على إتمام اللقاء الثاني بينهما في أقل من عام، بعد أن رمى الإصلاح بكل ثقله، وأعلن غير مرة أنّ ارتباطه بالمملكة خيار استراتيجي لا انفصام له، لاسيما وأنّ العلاقات الإماراتية السعودية تعزّزت أكثر مع تحالفهما لتحرير اليمن بدعوة من الرئيس هادي.. وأثمر تعاونُهما عن تأسيس مجلس تنسيق مشترك في مايو 2016، بعضوية 16 وزيراً عُقد اجتماعه الأول في يونيو الماضي، بعنوان عريض هو (استراتيجية العزم)، وبمحاور ثلاثة: اقتصادية، ومعرفية، وسياسية عسكرية.
لم تعد اليمن مستقلة بقرارها، ولو جزئياً، منذ أصبح الحوثيون وكلاء معتمدين لإيران ومدعومين منها للسيطرة على العاصمة، وكثير من المدن حولها.. وإيران ليست أكثر من شعب تائه مُحبط في أرض ميتة يبرُع قادتها الثيوقراط في تصدير ثورة الموت واللعنات.
وبالتالي فإنّ اتهام حزب -أو جهة أو شخص- على أنّه تابع للسعودية، التي يعمل فيها أكثر من خمسة ملايين يمني، أو الإمارات التي تدفع برجالها ومالها وسلاحها لتحرير اليمن من خطر إيران بلا ضجيج، أو أجندة مذهبية.. يعد مقارنة بإيران شرفاً كبيراً.. فليس بعد ارتهان الحوثيين لكهنوت إيران والتبعية لحاخاماتها من عار أو جريمة تستحق الذكر.
الظريف أنّ من يُلقون بتهم العمالة والتبعية على خصومهم ليسوا من الحوثيين وحدهم.. فهناك أيضاً فئتان تتبعان حزباً واحداً.. إحداهما تواجه من ينتقدها بأنّه (مع الإمارات)، وتعتبر ذلك سُبة أو منقصة. مع أنّها تعيش في السعودية -شقيقة الإمارات- وتتعيّش منها.. وحاول قادة حزبها من قبل التقرب من (أبو ظبي) ولم يفلحوا.. وأرجو أن ينجحوا هذه المرة.. أو يبذلوا جُهداً مضاعفاً لبناء الثقة وإزالة نقاط التوتر.. ما لم فعليهم الامتناع عن اعتبار الإمارات تهمة طالما هي مع السعودية.. فلا معنى لذلك غير أنّهم موثقون بحبال من قطر الداعمة والممولة للإرهاب.. وإلاّ فإنّ مقطع أغنية الفنانة الإماراتية أحلام (اللي ما يطول العنب حامضًا عنه يقول) هو أبلغ ردٍ عليهم.
فئة ثانية، وهي الأسوأ انتقلت تدريجياً من تأييد السعودية والإمارا،ت عندما كانت قطر مدسوسة ضمن التحالف، إلى الهجوم على مُحبي الإمارات بعد كشفها لتآمر الدوحة.. ثُم أتبعوها لاحقاً بالسعودية. ومنذ أشهر صاروا يفضلون الحوثي على السعودية والإمارات.. فهم يدورُون مع (قطر) حيث دارت.. ولو دخلت جُحْر (على خامنئي) لدخلوه زحفاً بعدها..
منذُ سيف بن ذي يزن، وحتى عبد ربه منصور هادي، واليمنيون يستعينون على خصومهم بالخارج.. ولهم سوابق مع الفرس والأحباش والأتراك والمصريين والسعوديين والعراقيين والروس والإنجليز.. وكانت لهم أعذار وحجج منها الظلم والثأر وحتى المصلحة.. وأحسب أنّ المصريين والسعوديين إلى جانب الإماراتيين هم أفضل الجميع.
لذا، فلا داعي لمعايرة طرف بأنّه مع جهة؛ لأن خصمه سيكون حتماً مع الجهة المغايرة.. والعبرة بمصالح الناس. فمن يوفرها سنكون حتماً معه حتى لو كانت دولته الداعمة هي طاجيكستان.
فإذا كان الحوثيون مع إيران وقطر يحاربون اليمن الجمهوري لفرض حكم سلالي طائفي، وأكد ذلك قادة إصلاحيون مؤخراً، فمن الطبيعي أن يكون اليمنيون مع الحلف المقابل الذي تقوده السعودية والإمارات.
ولو كان في آيات قُم خيراً لقدموه لبلدهم.. أمّا اليمن فلم يجلبوا لها سوى الصرخات والألغام والصواريخ.. ولعن أمريكا التي تستفيد منهم وتدفع مع بريطانيا وفرنسا؛ لإطالة بقائهم في الحديدة.. وإسرائيل التي لم تجد أفضل منهم ذريعة للهيمنة على المنطقة.
ما يجمعنا بالسعودية إخاء وعمقٌ استراتيجي ومصالح مشتركة.. وَمثلها الإمارات، التي يفاخر قادتها منذ مؤسسها حكيم العرب زايد بن سلطان بأنّهم من اليمن، ومع اليمن.
شُكراً للسعودية.
شُكراً للإمارات.
واللعنة على إيران.. وأحذيتها في الداخل والخارج.