ها هو عيد آخر يحل على اليمن عامة وتعز خاصة ,ونحن مازلنا نجتر المآسي ونلوكها بمنتهى الألم والجراح, ومازلنا نتعايش مع تدمير الوطن بأبشع صوره , ونتعايش مع التمزق والتساقط والشتات بكافة أشكاله..
عيد, يهل ومازالت كوارثا تتجدد في ظل سيطرة الأنا والنرجسبة المفرطة المخيمة على افئدة ساسة اليمن ومتحاربوها في الداخل والخارج وصمت مطبق لرهبان الكراسي وقساوسة الحرب ازاء الانهيار الشامل للأرض والانسان اليمني..ورغم ذاك تبقى رؤاهم الأحادية والمدمرة هي المسيطرة على كل قراراتهم الخاطئة والتي من شأنها اطالة أمد الشقاق والتمزق وجريان الدم اليمني في شتى بقاع اليمن. وما من مغيث!!

ها هو العيد ينسل من بين أهداب عيوننا ولم نعرف للفرحة طريقا ,ولا للسلام منفذا, ولا للابتسامة دربا .. وحدهُ الاحباط وتكسر الأرواح وتفتتها هو الطاغي على شعب سئم التلاعب بمصيره ومصير أبناءه .. 

وحدهُ الشرود والملامح الباهتة باتت تحدد هويتنا المجهولة وترسم الف سؤال بحبر العيون على شفاة مطبقة, إلا من صفرة الرعب من واقع يسير على الجمر والحطب,اسئلة دون بارقة جواب,مفادها , متى سنعرف الانعتاق ومتى سنعيش!؟

نحاول اقناع ذواتنا أننا على قيد الأمل, بينما آلامنا تمر بسرعة الجرح لتسبقنا حتى مبتدأ الهزيمة وتحتل المراتب الامامية من زفرات أنفاسنا الواجفة.

قالوا لنا عيد, بينما البؤس يتسلقنا ,وخطوات الموت تكتسحنا منذ الطلقة الأولى للفجيعة, لتعبر نفوس قد بلغت قلوبها الحناجر  ولا صوت يعلو فوق نوح المواجع وبكاء الأمهات.

هاهو العيد يهرول إلينا, ومازلنا ننشد للأسى مقامات للصبر والعبرات, ووطن محمول على اعناق السراب, مأسور وتائة في تغابينا.. 

عيد سيمر كسابقيه, حزين كأحزاننا الباذخة,يبحث عن صداه بين صحكات الاطفال الباهتة,تحت جلودهم وتحت وسائدهم وبين خزانات ثيابهم ,فلا يجد إلا صمتا خائبا صداه.. يبحث عن وطن تاه هو الآخر في زحمة الضغائن, ومن ثم يعود خائبا من حيث أتى .

عيد, ينقش على جنباته مآسينا ,وبين دفتيه أوجاعنا ,وعلى صحائفه احزاننا من اول النزف حتى منتهى الحسرة ليكتب بدمنا المسفوك ان ,عبيد الكراسي ضيّعوا وطنًا وضيّعونا .