الرئيسية
أخبار محلية
عربي ودولي
اقتصاد
رياضة
الأسرة
تكنولوجيا
فن
تقارير
تواصل معنا
عبدالملك الصوفي
الخميس 27 يوليو 2017 الساعة 18:04
من بوابات الحصار، هنا تبدأ فلسطين !
هنا على هذه الأرض المحتلة وعلى هذه الأحزمة الإلكترونية المحرّمة لقطات لحياةٍ شعثاء ذاكرةٌ ترتطمُ بجهاتها .. صورٌ تتكون وأُخرى تُستعاد طفولة غابرة وجوهُ أحباب وأعداء .. هنا أسير نحو أرض الزيتون : زائراً ؟ عائداً ؟ لاجئاً ؟ مواطناً ؟ ضيفاً؟ منتصراً؟
لا أدرى! فلم نعد نحلمُ الآن بشيء هنا تبدأ فلسطين وينتصر الأقصى : من اجتياز هذه العوارض البلاستيكية والبوابات الإلكترونية الإسرائيلية الفاصلة بين المنفى والوطن بين الحق والباطل القادرةٌ على تحويل الجسد إلى روح في صباحات الفَرح ..القادرةٌ على تحويل ظلال الحزن إلى حلم يُعَزِّينَا إذا تاهت .. قضيتُنا
هنا صار عنوانُنَا ليلٌ كئيبُ الوجه يخدعُنا .. وأيامُنَا طفلٌ كلون الصبحِ مخنوق الشُعَاع .. وأرضنا القدس
أحلامُاً بين أنيابِ الصخور فلا العيش أصبح ممكناً في أوطاننا ولا الشمسَ ضاقت بالنهار .. فمن وطنٍ يُلَمْلِمُ شَمْلناَ إلى أملٍ يلوذُ به الضحايا ومن أحجارٍ
على الطرقات إلى مقبرةٍ تِئنُّ بها العظام ومن قبلة الإسلام شبابٌ وحزنٌ .. رمادٌ ونارٌ وطيرٌ يغنى بلا أُغنيات.
هكذا تُحْرمُ التأمُّلات من حريَّة التعبير والحركة واختراق الهوية الفلسطينية .. مادامت حبيسة انخراطها في سؤال العيش وسؤال البقاء وحاجات الإنسان إلى خبزٍ ومأوى ونشيدٍ ومعبد هكذا يظل سؤالُ البحث عن العاديّ والطبيعيِّ بصفته سؤالَ البحث عن معجزةٍ جديدةٍ وسؤالٍ مطروحٍ على شعب لم يتمكّن أفراده من التأمُّلِ الطويل في فرديتهم المستقلة لتتحول أحلامهم إلى سجون واسعة وكهوف صامتة لانبضَ فيها ولا كِيان.
وكما أن الثورة التي تأتي في إطار المقاومة المشروعة لتحتضن القدس وتتوحَّد معه وتجرف أنقاض الأنظمة القديمة فإن الشعب الفلسطيني منذ بداية تاريخه النضالي لايزال يخوض صراعاً على الحاضر
والماضي، لاسيما أن وجود أعدائهم لم يكن إِلَّا احتلالاً للقدس في زمنٍ يلبسُ حولنَا ثوبَ الحِداد ولم يكن الموجود فيهم إلاَّ شبحٍ إسرائيلي محتل يقتضي تطهير الأرض منه .. فلم ينس أحد قصَّته لا ماضيه صبراً ولا حاضره حلمًا فما زال الدفاع عن حقوق المواطنة مرتبطاً بالدفاع عن حق العودة والاستقلال وما زال اللاجئون في بلادهم لاجئين في بلادهم ومازال المواطن الفلسطيني في منأى عن أي موقف حكومي عربي ! فالمواطنة ليست بديلاً أو تعديلاً عن حقوق المواطنين ولا حلاً لمشكلة اللاجئين في بلادهم .
ف..على هذا الوهج من النضال الفلسطيني وحتمية الإنتصار سيتحدث التاريخ وهو يبكي على احتجاز وتعذيب أكثر من خمسة آلاف أسير فلسطيني إن شمس فلسطين بقيت في أعينهم مُحررَة وأن قلوب أبناء فلسطين لازالت تضربُ في صدورهم "كناقوس" في أحد أديرة الناصرة .. وأن الإسرائليين لازالوا على استمرار ممارستهم لمختلف أنواع الأنظمة
قهراً وظلماً فقد حاولوا إقناعهم بالبقاء في مملكة الله ليتخلوا عن مملكة الأرض وعن قضيتهم العادلة
لكنهم أصروا أن يكونوا مطيعين لله على أرض القدس وخدّامين للقدس في مملكة الله لم يتنازلوا عن شيء ولم يقدموا فعل الندامة أو يعتذروا لأحد لأنهم أحبوا القدس صدقاً وإيماناً فالحب الكبير لا يحترف الإعتذار .. كانوا يتمددون داخل أسوار السجون وكانت ذاكرتهم حينذاك تطير كل ليلة كالنجوم فوق الضمائر العربية النائمة لتقرع طبول الحرب وتضيء المآذن وتعلن عن ميلادِ فجرٍ جديد.
لعل ذلك كان هو الإرهاص المتكرر لحاجتنا الإنسانية إلى معالجة البكاء بالمقاومة .. ولعل ذلك كان هو الإصغاء الأول لضرورة الكتابة على منطقة أحزاننا التي أغمدناها في لحم بَعضُنَا فما دامت فصاحة وبلاغة اسرائيل ترتكز على ترسانة الأسلحة الهائلة فان كل كلام معها هو كلام ضائع فالمسلحون هم بلغاء هذا العصر ولن نستطيع أن نربح احترام العالم الا حين نخرج من بلاغة الحرير والقطن .. إلى بلاغة النار والحديد.
وبالتالي فإنَّ تحويلَ هذه الإنتفاضة الشعبية وهذا الهاجس إلى سياسة تُؤسِّسُ السلام وتُحصن "الأقصى" على استحضار شبَحٍ إسرائيلي من أجلِ الاحتفال بتغييبه حقوقاً وشرعيَّة سيجعلُ المسرحية للعملاء العرب خالية من أيّ شيء فالصهيونية الأولى كانت ولا زالت خاليةٌ من الشعب الفلسطيني والثانيةُ مُتحرَّرةٌ من عُقدةِ المسألة الفلسطينية التي تم حلُّها دون حل! والثالثةُ تفرضُ حزام الرقابة دخولاً وخروجاً على المسجد الأقصى.
وعلى ناصية الجرح على جُثْمان الشهيد "عمر
العبد " عمَّرنا المواقع الحربية والحصون والقلاع ومددنا الأسلاك وعلى هذا الجسد كتبنا قواعد الخير ومبادىء الأخلاق .. ووضعنا على روحه الطاهرة .. لافتات الشهامة .. خرج الشهيد بعد ثلاث ساعات من الموت على كفنه بنصف جسده ونصف حلمه وضميره العربي كاملاً ..كان شاحباً شهيداً مضيئاً كقمرٍ في البادية سرقوا نصف دمه ونصف حلمه لكن النصف الآخر تحول إلى بحر من المقاومة تسافر عليه كل الأجيال العربية .. نقص وزنه فازداد وزن الكرامة العربية .
وللتأبين طقس دائم يبدأ باستعمال فعل الماضي الناقص كان . . كان "ياسر عرفات" الفصل الأشرف والأطول في حياتنا كان اسمه يجسد معنى الأرض الناهضة من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة إلى فكرة الدولة إلى واقع تأسيسها المتعثِّر وكان الناظرُإلى الغد والعميقُ الإيمان بالتعددية الثقافية والدينية
التي تمنح هذه البلاد خُصُوصيتها المضادة للمفهوم الإسرائيلي وكان في بحثه الديناميكي عن الغد
في الحاضر يبحث عن نقاط الإلتقاء فلم يكن تديُّنُه حائلاً دون علمانيته ولم تكن علمانيته عبثاً على تدينه .. فالدين لله والوطن للجميع.
سنفتقده دائماً سنفتقده في الأزمات وفِي المفاوضات وفِي جميع نواحي عروبتنا الضائعة لقد أغلق الباب على مرحلة كاملة من النضال التاريخي ولن ينفتح بغيابه على قبول الشروط الإسرائيلية هنا تواصل روح "عرفات " فعلها وهنا لا يكون عرفات فرداً بل تعبيراً عن روح شعب حيّ تلك كانت تضحيات ياسر عرفات التي تجسدت في عملية الانتقال من الدور الذي تحتلّه ضحية التاريخ إلى المشاركة في صناعة التاريخ .. فأين دور زعمائنا العرب ؟
|
أخترنا لكم
الأكثر زيارة
|