عبدالملك الصوفي
الاثنين 3 يوليو 2017 الساعة 07:41
الحرب واستهداف الأبرياء .. نماذج ومشاهد !
بعد ثلاث سنوات من الحرب والحنين المستوطن في اليمن لا يستطيع أحد أن يدّعي أنه خرج من صنعاء سالماً ومن تعز منتصراً ومن مدينة عدن منتشياً بحلم الانفصال فمن لم يفقد عزيزاً عليه فقد نفسه ومن لم يَصْب بماله أصيب بروحه ومن لم يحترق بستان بيته احترقت آماله .. ومن لم يعلم حتى اللحظة أن الوطن قد اغتصب وقتل في آن واحد .. فقد اغتصبت الطفلة "رنا" في العاصمة صنعاء وقتلت الاستاذة "هيام" علَى أرصفة الطرقات. لاتزال ابتسامةٌ "الطفلة رنا المطري" مهزومة وأحلامٌها معدومة تحتويها نظرةٌ مكسورة ودمعة مقهورة .. أمنيةٌ كانت تعانقُ السماءَ وعبرةٌ بحجم الوطن .. روحها طاهرة .. طفولتها قتلت .. جرحٌها لا يلتئمُ ولا يستقيل ... هكذا أمست أسرة الطفلة رنا تعزفُ الأحزان لحناً.. من بقايا الجرح في ماضٍ قديمْ. هل تعرف الطفلة " رنا" وهي تتبختر كالغزالة في بساتين الجنة أن دمها أخذ لون التاريخ وأن جسدها أخذ شكل تضاريس الأرض وأن عينيها صارتا وطناً لكلَّ الخائفين ؟ هل تستطيع أن تتذكر في أي البراري كانت تركض ومن أي الينابيع كانت تشرب وفِي أي أرض كانت تعيش .. وفِي أي عيد تموت . . ولماذا كل هذا الاسئلة ؟.. وهي لا تزال حمامةٌ وسط كل هذا الزحام .. ربما لأنها في اليمن . ثم ماذا نقول لأولاد الشهيدة "هيام" الذين ينامون على سطح السفينة .. واقدامهم مبللة بمياه الحزن .. هل نهتفْ معهم بأن أحلامُنا وأيامُنَا قد تآكلت بين جُدران السكون، وأن صغيُرنا قد ماتَ منَّا واصبحنا نعيش في زمنٍ كسيحْ ضاعت أعمارنا في ثَرَى أملٍ ذبيحْ . . ام نخاطب الدهر والتاريخ أنها قاتلت بشجاعة خرافية كما لم تقاتل أي مدينة عربية عن كرامتها.. وكما لم تستشهد أي امرأة استثنائية قبلها.. ليصبح دمها مولانا ووطننا الذي نتصافح مَعَه، بدلاً من هادي وحلفاؤه. وإنه لمن المفجع حقاً ان نرى الصبحُ مشنوقاً بأرواح الأبرياء والليل يلتهمُ الصباح والجرح ُ ينزفُ بالجراح والغد ينام على الرصيف والشيخُ يصرخُ جائعاً. . قائلاً : لماذا تسقط بيننا الأيام؟ لماذا يُصبح عُمرُنا سدَّا وحبُّنَا قيداً ووطننا حُلماً بين أيدينا حُطام؟ كل تلك المشاهد والصور والأحداث . . والضحايا والشهداء ليس لها نهاية، لاسيما أن الآهات مازالت تحترفُ الحظور والخوف يخنُق في حناجرنا الكلام . . والمآسي السوداء لا تمد بأي صلة للإنسانية سوى أنها ترسُم في تُرابِ الوجه أحزانَ السنين، كل ذلك من أجل ترجمة الكثير من المواقف والممارسات اليومية من قبل الأطراف المتنازعة في الوطن . وعلى هوامش الأقدار ونكسة الوطن نجد أن كلماتنا في الحب تقتلُ حبَّنا وحروفنا في الحق تموتُ حين تُقالُ خاصة بعد هذا التاريخ الدامي والعلاقة المصيرية بين الأبرياء والموت. . بدءاً من اختطاف مديرة مدرسة دبي الأهلية ورمي جثتها في احد ممرات السيول في شارع التحرير الأسفل في تعز إلى اغتصاب الطفلة رنا المطري إلى قتل الحق في روح الجندي "محمد عبدالله قحطان" وهو يمارس الواجب الوطني في إتمام عمله . . وأخيراً إلى اغتيال روح الشاب " احمد صلاح البعداني في مدينة تعز... بعد هذا التوقف عن نمو الوطن وعن بقايا أُمَّة أشتدّ بها الأسى . . نستطيع أن نؤمن تماماً بأن الحكمة الشائعة التي تقول "لايموت حقٌ وراءه مطالب " إذا تُرجمت إلى لغة الشارع اليمني وأسر الشهداء فإنها تصبح : " لا يوجد حقٌ وراءه عبدربه منصور هادي" . . ف عندما تسمع في الإذاعات وتقرأ في الجرائد والمجلات كلمة " اليمن السعيد" سنة بعد سنة، ومهرجاناً بعد مهرجان، ومؤتمر قمة بعد مؤتمر آخر، تحسبها وهماً في آخر الدنيا! تظن أن لا سبيل للوصول إليها بأي شكل من الأشكال. هل يعلم "عبدالملك الحوثي" كم هي قريبة، ملموسة موجودة بحق .. إنني أستطيع إمساكها بيدي كالمنديل . . فكيف يغتالها بالبندقية وهي لا تزال حبيبة شعر المقاومة ورفيقة الشعب . .وأم الشعب . . وَرُوح الشعب . . خلف قُضبانِ الظلال . ولو أن جماعة الحوثي اكتفوا بفتح قلوبنا على الاحزان فقط، لحملناهم على أكتافنا واستقبلناهم بالورد والحب والرياحين . . وبسنا أيديهم من كل جانب ولكن الحوثيين تركوا اختصاصهم العظيم في جراحة القلب المفتوح (لمختلف الآهات) . . وفتحوا قبور اليمنيين في تعز بواسطة قنابلهم العنقودية والإنشطارية المرسلة من صنعاء . . مع أطيب التحيات ... ففي حين كنا نبحث عن قاسم مشترك يجمعنا مع الحوثي فِي تنفيذ الاستراتيجية التي كانت تنص على تشكيل جبهات مواجهة ضد الجرعة والفقر والفساد أصبحنا اليوم . . غير قادرين على تفسير موتنا بشكل رمزي . . أو حتى القول اننا نموت .. كالأبقار |
أخترنا لكم
الأكثر زيارة
|