عادل الشجاع
الخميس 27 اكتوبر 2016 الساعة 21:03
مجنون زبيد والحوثيين
عادل الشجاع
يحكى أن مجنونا قدم من زبيد إلى منطقة ريمة ذات المباني التي تقع في القمم العالية للجبال؛ احتشد أهل القرية واتفقوا على أن يضعوه في أحد المنازل وتناوبوا على حراسته خوفا عليه من أن يلقي بنفسه من أعلى الدار، تركوا أعمالهم وتفرغوا لتقديم الغذاء واحتياجات هذا المجنون، وكلما شعر المجنون بأن أهل القرية بدأوا يقصرون في توفير متطلباته هدد بأنه سوف يقفز من أعلى البيت، وذات يوم كان في حراسته أحد أهل القرية من الذين ملوا انتهازية المجنون ومطالبه المبالغ فيها. 
طلب المجنون من الرجل أن يحضر له قاتا ولحما وإلا سيقفز، كان الرجل قد وصل إلى حد الملل من هذه المطالب المتعسفة، فما كان منه إلا أن قال له اقفز؛ فنظر المجنون إلى الأسفل ثم تراجع. 
هذا هو حال الحوثيين الذين أوقفوا حركة البلاد الداخلية والخارجية واستخدموا كل وسائل الابتزاز، وكلما تحقق لهم مطلب تعسفي طالبوا بالمزيد. الناس الذين وقفوا إلى جانبهم كان من أجل استيعابهم في إطار النسيج الاجتماعي والسياسي كمواطنين يمنيين لهم حق في المواطنة وفي السياسة وليس من باب السيادة، فالشعب اليمني لا يمكن أن يشتري له سادة في القرن الواحد والعشرين. يرفعون شعارات زاعقة أهلكت الحرث والنسل. يحشدون الناس إلى مواجهة السعودية وهم يتفاوضون معها في ظهران الجنوب بعيدا عن إرادة الناس الممثلة بالمجلس السياسي الأعلى الذين يمثلون فيه الرئاسة. أقر مجلس النواب المجلس السياسي الأعلى فأبوا إلا أن تبقى اللجنة الثورية العليا. توقفت الحياة وضاعت السيادة المتعارف عليها دوليا ولم تبقى إلا السيادة التي يعرفونها هم وليس غيرهم. يتذرعون بالعدوان السعودي الذي يواجهه الشعب كاملا عدا هم الذين يتحاورون معه سرا وبعيدا عن إرادة الشعب اليمني الذي خرج إلى ميدان السبعين وزكاه ممثليه في مجلس النواب. حولوا الشعب إلى حطب توقد به معاركهم. يتحدثون عن الشراكة في السلطة واللجنة الثورية ترفض حتى مشاركة من هم معها من نفس التوجه. 
يعادون السعودية طوال النهار، ثم يطلبون ودها مع حلول المساء. إنهم يحملون الكارثة الكبرى، فهم لا يعرفون ما هي الدولة ولا ما هو المستقبل؛ وأفضل ما يقدمونه من وجهة نظرهم هو الذهاب إلى جبهات القتال لمجرد القتال دون هدف أو رؤية. لو كانوا جادين لتركوا المجلس السياسي يمضي في تشكيل حكومة من جميع المكونات السياسية بالشراكة كما يزعمون. ولو كانوا جادين لما ذهبوا لمقابلة ولد الشيخ الذي أقتات على دماء اليمنيين وما زال، ولتركوا ذلك للمجلس السياسي الأعلى. 
أعتقد أن هذه الجماعة قد أعطت ظهرها للجميع وعلى المؤتمر الشعبي العام أن يراجع نفسه وكما عهدناه واضعا مصلحة البلد وأمنه فوق كل اعتبار. أثبت الحوثيون أنهم لا يؤمنون بتعديل الآراء والمواقف. أعتقد أن هذه الجماعة بحاجة إلى وقفة تأمل ومراجعة المواقف والاعتراف بالآخر وعدم مصادرة حقه. وليس عيبا أن تراجع هذه الجماعة مواقفها وأخطاءها. 
على المجلس السياسي الأعلى أن يتخذ موقفا صريحا ومسموعا من أي قوى تدميرية تزرع الكراهية والاستياء. ولا ينتظر التغيير أو الحل من الخارج، فالحل لن يكون إلا داخليا. وعلى المؤتمر الشعبي العام أن يفرض خيارات السلام في إجراء حوار سريع مع الأحزاب السياسية الأخرى القديمة والحديثة لأن السلام سيوفر أرضية صلبة لإحراز تقدم ضد الفقر وضمان التنمية الشاملة للجميع والتحصن ضد دعاة العنف. منذ 2011 واليمن أسيرة لمناخ العنف وضعف المؤسسات. وعلى جميع القوى الحية أن تتصدى للقضايا المهمة العالقة كغياب العدل بين المناطق في التنمية والمساواة والفقر المدقع. على الجميع دعم الاستقرار وبناء الثقة من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية بكفاءة واستفادة البلاد من كل إمكانياتها. حان الوقت للقضاء إلى الأبد على زيف التغيير الثوري العنيف الذي كان سببا في إعاقة التحديث السياسي والاقتصادي في اليمن. 
أخيرا هناك مقترح لصرف نصف الراتب سيولة والنصف الأخر قسائم مقبولة الدفع حتى تتحرك الدورة النقدية. 
يحتاج الشعب اليمني إلى تحقيق أهدافه في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وهذا لن يتحقق في إطار الحرب المدمرة بيننا كيمنيين.
 
*من حائط الكاتب على موقع "فيسبوك".