د.عبدالغني علي السبئي
الاثنين 18 يوليو 2016 الساعة 15:40
نحو استراتيجية زراعية بديلة ومعتمدة على الذات
د.عبدالغني علي السبئي
 
بامكاننا القول، إن البديل للسياسات والممارسات الاقتصادية – الزراعية المهيمنة حاليا، والتي لا تعمل سوى على تعميق تبعيتنا وانعدام أمننا الغذائي، يتمثل في اتباع استراتيجية انتاجية تستند الى مواردنا وتجاربنا وتقاليدنا الانتاجية المحلية الغنية (وتطويرها) أولا، وإنتاجنا الغذاء بهدف استهلاكه محليا .ثانيا، وإعادة التدوير المحلي للرأسمال، ثالثا.  
من وجهة نظر اقتصادية، يفضل، ضمن ظروفنا السياسية – الاقتصادية الحالية، تبني وتطبيق استراتيجية أساسها التمحور الداخلي حول الذات (في سوقنا المحلي)، بدل التوجه نحو الأسواق الخارجية، وذلك بسبب مشاكل وصعوبات التجارة الخارجية التي لا نستطيع مجاراتها، ضمن ظروفنا وأوضاعا الراهنة.
-ماهي الاستراتيجية الزراعية المعتمدة على الذات؟
- إقامة كيان الاقتصادي يمني (محلي) يشكل ضرورة وجودية واستراتيجية لحماية الوطن اليمني ومنتجاته الزراعية وغيرها التي تمتلك مزايا نسبية هامة.
-تحقيق التمفصل القطاعي:
من الواضح أننا في اليمن  نفتقر الى الاستراتيجية التنموية الواضحة التي تضمن عملية التمفصل في القطاع الاقتصادي الواحد وبين مختلف القطاعات.  بمعنى وضع جزء من قطاع اقتصادي معين في خدمة جزء آخر من نفس القطاع أو من قطاع آخر، وبالمحصلة تحقيق الترابط بين جوانب القطاع الاقتصادي الواحد،  
-المياة عنصرا أساسيا من عناصر "أمن اليمن الاستراتيجي" 
فيما يتعلق بمواردنا المائية ، فالمطلوب،  وكجزء من اقتصاد الصمود، ونظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة لنا حاليا، وحيث أن توفر المياه يعتبر عاملا أساسيا في آية استراتيجية هدفها تحقيق زيادة كمية ونوعية في الانتاج الزراعي والغذائي، فمن الضروري العمل على استفادتنا القصوى والناجعة من مياهنا الطبيعية المتدفقة التي "تضيع" سدى، كاقامة أعداد كبيرة من آبار الجمع والسدود الترابية للاستفادة المباشرة من مياه الأمطار للاستخدامات الزراعية والبيتية، فضلا عن الاستفادة من مياه بعض الينابيع المنتشرة في االمناطيق الريفية ومن الأهمية بمكان، أيضا، إعادة تدوير المياه العادمة في الزراعة، بهدف زيادة كمية مياه الري والتقليل من تلوث البيئة والمياه الجوفية.  كما لا بد أيضا من تشجيع الزراعات البعلية وزراعة المحاصيل التي لا تتطلب كميات كبيرة من المياه.
-تشجيع المبادرات الانتاجية الشعبة والتي من شانها ان تشكل بوصلة البديل التنموي للاستغلال الاقتصادي القائم على قاعدة "من أعلى الى أسفل وهي تحديدا تشكل تناقضا مع المفهوم التنموي للبنك الدولي والمستند الى اقتصاد "السوق الحر" الذي يريد أن يجعل من الحياة الريفية الزراعية التقليدية في دول العالم الثالث أول ضحاياه.  إذ كيف يمكن لمجتمعنا اليمني يرزح تحت هجمات العدوان و الحصار الشامل  منذ عام وثلاثة اشهر وتتواصل ضده الضغوط الاقتصادية والسياسية الهائلة، أن يقف  واحدة" ويواجه الحصار وسياسة التجويع التي لا ترحم؟
إن تجاوز هذه الصورة القاتمة أمر ممكن إذا ما تم التركيز على الانتاج الزراعي بهدف تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للشعب اليمتي وذلك عبر خطط زراعية تكاملية تستفيد من المناخ المعتدل في العديد من المناطيق اليمنية  ومن المساحات الشاسعة للأراضي الصالحة للزراعة وغير المزروعة ومن المياه.
-محاولة الخروج من مصيدة" الديون، والتى تسبب  زيادة مستمرة في مدخلات الانتاج من الخارج والغرق في مزيد من القروض لزراعة المحاصيل الأحادية .
ان تموئل البنوك اليمنية"المتخصصة بالتنمية الزراعية "والتموئل الدولي للقطاع الزراعي هامشي وغير ذي أهمية. قبل سنوات بادرت بعض الجهات الدولية، بالتعاون مع بنوك محلية في بعض المناطق اليمنية، الى منح قروض قصيرة ومتوسطة الأجل للعاملين في مجال "الزراعات المروية في البيوت البلاستيكية والحقول المكشوفة"، ولأصحاب المشاريع الزراعية "الذين يرغبون في إدخال زراعات جديدة ".  علما بأن الزراعات الأخيرة تعتبر أحادية وكثيفة الرأسمال وموجهة أساسا للأسواق الخارجية.  بمعنى أن الاستدانة هنا تهدف أساسا الى تكثيف الرأسمال في الزراعة، عبر الوقوع في "مصيدة" الديون، وبالتالي زيادة مستمرة في مدخلات الانتاج من الخارج والغرق في مزيد من القروض لزراعة المحاصيل الأحادية بدل التنويع الزراعي، وبالمحصلة الادمان على الديون وتعميق التبعية للأسواق الخارجية وقوانينها القاسية.  كما ويطلب أحيانا من المقترضين، كضمانات، رهن عقارات.
 
-التوجة الجاد نحو الزراعية للمحاصيل الغذائية الأساسية التي يحتاجها الشعب اليمني،والتخطيط للمزارعين على مستوى وطني لتنويع الزراعة،
يتحدث حاليا منتجو القمح الغربيون (أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي) عن ضرورة زيادة المساحات المزروعة بالقمح في بلدانهم، في الوقت الذي تفرض فيه هذه الدول ومؤسساتها المالية الدولية على "العالم الثالث" زراعة محاصيل كمالية للتصدير لأوروبا وأمريكا واليابان، بينما تفتقر غالبية شعوب "العالم الثالث" للمحاصيل الغذائية الأساسية التي تحتاجها.  ويشير هذا التوجه الاقتصادي الغربي المفروض على "العالم الثالث" الى أن الزراعة الأحادية الموجهة لما يسمى بالسوق العالمي قد أوصلت هذه الشعوب الى درجة العجز عن انتاج وتأمين الغذاء الأساسي لنفسها، فلم يبق أمامها سوى مواجهة مصيرها المحتوم:  المجاعة أو الفقر الغذائي.
والحقيقة أن المشكلة لا تكمن في عدم كفاية الانتاج الغذائي العالمي، لأن العالم ينتج كميات كبيرة من الطعام أكثر من حاجته.  لكن المشكلة تكمن في أن جياع وفقراء "العالم الثالث" لا يملكون الأموال اللازمة لشراء أو زراعة حاجتهم من الغذاء، بمعنى أن الكميات الزراعية لا تشكل، اطلاقا، حلا للمشكلة.
-اصلاح تشوه البنية الانتاجية الزراعية والتي والناتجة بسبب عوامل موضوعية وخارجية
بإمكاننا القول، إن أهم سمة خطيرة مميزة للاقتصاد اليمني، تتمثل في عملية تعميق متواصلة للبنية الاستهلاكية والطفيلية لهذا الاقتصاد. وتتجسد هذه البنية في حقيقة أن مجتمعنا لا ينتج حاليا  مانسبتة %11 مما يستهلك، ومع انعدام
 
وجود اي مؤشرات فعلية تدل على أن الفجوة الكبيرة بين الانتاج والاستهلاك آخذة في التقلص.  وهذه الفجوة، فضلا عن العجز التجاري، تغطيهما الى حد كبير التدفقات والتحويلات المالية الخارجية وليس التراكم الرأسمالي الداخلي في اليمن في ظل الظروف القائمة.  وهذا الأمر واضح من تدني حصة الناتج المحلي اليمني الاجمالي في الناتج القومي اليمني الاجمالي.  كما يتضح هذا الأمر من مجرد نظرة سريعة الى السلع الغذائية، "الطازجة" والمصنعة، المعروضة في سوقنا المحلي، حيث تبرز بشكل صارخ الحصة المتواضعة جدا للسلع "اليمنية" المحلية أو بشكل أدق حصة السلع الوطنية (أي التي تم انتاجها من موارد وخامات محلية) من إجمالي أنواع وأصناف السلع الغذائية المعروضة في سوقنا المحلي.
 
إن حقيقة كوننا مجتمعا استهلاكيا، يشتري معظم طعامه من الخارج، بما فيه الغذاء الاستراتيجي، تعني، تحديدا، أننا نفتقر الى الأمن الغذائي.  وهنا بالذات يكمن السبب الأساسي في تبعيتنا للخارج.  وافتقارنا للأمن الغذائي يعني أيضا افتقارنا للأمن الوطني الذي لا يمكننا توفيره ما دامت الاقتصاديات الخارجية تتحكم في عملية إطعامنا وتجويعنا.
-بناءأسس الاعتماد على الذات:
وكما حدث في سائر أرجاء الوطن العربي، كذا أيضا في اليمن، فان الغرب، من خلال مؤسساته "التنموية" و"التمويلية" المختلفة، يساهم مباشرة، عبر نشاطه لتكريس ما يسمى بالسوق الحرة وتحرير التجارة، في تهميش و سحق البنى الاقتصادية التقليدية التي كانت قائمة قبل  والتي اعتمدت على الموارد والسوق المحلية، وخاصة الزراعة، ليس لأن هذه البنى "متخلفة" كما روج بعض الأغبياء، وإنما ليستكمل تحطيم أسس اعتمادنا على ذاتنا اقتصاديا ويضمن بالتالي تبعيتنا الاستهلاكية له.   وبالتالي ضرب أهم مصدر من مصادر تراكم الرأسمال الذي كان مرشحا لأن يستثمر في تطوير الزراعة وقطاعات انتاجية أخرى. ونجد بأن الشعب اليمني يفتقر حاليا الى القاعدة الطبيعية الضرورية لوجود وتنمية أي مجتمع انساني طبيعي.
 
 
-تشجيع مشاريع الصناعات الزراعية المترابطة والمتداخلة مع بعضها.  
كما بالامكان تشجيع مشاريع الصناعات الزراعية المترابطة والمتداخلة مع بعضها.  مثلا مصنع لتعليب وحفظ اللحوم يكون مرتبطا، من ناحية، بمجموعة كبيرة من مربي الأغنام والأبقار وغيرهما، ويرتبط، من ناحية أخرى، بمصنع محلي آخر للعبوات المعدنية.  ونفس مربي الثروة الحيوانية قد يرتبطون أيضا بمصنع حليب ومنتجاته، فضلا عن ارتباطهم بمزارعين آخرين يستخدمون روث الحيوانات لتسميد الأرض.  وقد يزرع المزارعون الأخيرون وغيرهم القمح الذي يبيعونه على أساس تعاقدي مع مطحنة حبوب محلية تكون مرتبطة بدورها بأفران ومصانع أغذية أخرى يشكل الطحين بالنسبة لها مادة خام أساسية.  وهكذا يمكن مواصلة بناء المشاريع الزراعية والصناعية المحلية المترابطة والمتكاملة، وفي اطار دائرة انتاجية داخلية متوازنة انتاجيا وبيئيا وصحيا، تعيد، باستمرار، مخرجات الانتاج الى نفس النظام الانتاجي، والمغذيات العضوية الغنية الى التربة.
إن هكذا توجه تنموي لا يضع الربح ضمن أولوياته، لأننا نعالج التنمية الزراعية في اطار مشروع وطني يهدف الى تكريس الاعتماد على الذات.  لهذا وفي اطار مثل هذا المشروع الوطني، فان الانتاج المحلي واستهلاكه في المناطق اليمنية  ذاتها هما اللذان يفترض أن يحددا القيمة الحقيقية للسلع وبالتالي الأسعار التي ستكون منخفضة بالمقارنة مع السلع الأمريكية أو الأوروبية أو حتى العربيةالتي تصنعها أيدي عاملة أجرها مرتفع.
الاقتصاد غير الرسمي:
يعتبر التوجه التنموي الزراعي غير الرسمي بمثابة مقاومة وطنية من أجل الصمود الاقتصادي، ويجوز لنا إدراجه في ما يعرف بالاقتصاد غير الرسمي الذي من الطبيعي أن يزداد قوة في ظل البطالة المرتفعة وتدني معدل الأجور وارتفاع الأسعار.  وبالرغم من أن النشاط الاقتصادي عبارة عن النشاط الذي يضيف قيما مادية معينة، إلا أن الاقتصاديين الرسميين لا يقرون تقليديا بهذه القيم المادية إلا في حالة إمكانية قياسها سعريا في السوق عندما تباع السلع أو الخدمات لشخص أو جهة ما.  لكن هذا التعريف للقيمة المضافة محدود وغير كاف لأنه يتجاهل النشاط الاقتصادي – الاجتماعي في اطار الاقتصاد غير الرسمي، كالنشاط التطوعي، العمل الزراعي النسائي غير المأجور، البستنة، النشاط الانتاجي المنزلي وغير ذلك.  إذ أن أي شخص يأكل الخضروات التي زرعها في حديقته المنزلية أو يقدم بعضها مجانا لجيرانه، فإنه في الواقع يعمل على خلق منتج ذي قيمة محددة لا يعترف بها "اقتصاد السوق" الذي يتعامل فقط مع النشاط التجاري الذي يتم من خلاله عرض السلع والخدمات في السوق حيث تتم المتاجرة بها بأسعار متفق عليها بين البائع والمشتري.إجمالا، فان طبيعة السكن الريفي مناسبة أكثر من المدينة لممارسات الاقتصاد غير الرسمي المنتج والمكتفي ذاتيا، حيث بالامكان أحيانا كثيرة، الاستفادة من قطعة أرض للزراعة، من غرفة أو أكثر غير مستغلة، من كراج أوسقيفة وغيره.  هذا لا يعني أن لا وجود في المدينة لمثل هذه الامكانيات، وإنما في حالة انعدامها فبالامكان تنظيم نشاطات مجتمعية منتجة تشارك فيها عدة عائلات أو أفراد.
-التنويع الزراعية لب  آية خطة وطنية للتنمية.
من هنا تنبع أيضا مسألة التنويع الزراعي الذي لا بد أن يكون لب آية خطة وطنية للتنمية الزراعية وذلك لضمان أعلى قدر من الاكتفاء الذاتي الغذائي بهدف توفير الأمن الغذائي، الأمر الذي يقلل من التبعية للسوق الخارجي وقوانينه اللئيمة.  ثم إن التنويع والتصنيع الزراعيين لا يعملان فقط على التقليل من التبعية للاقتصاد والأسواق الخارجية، بل يضمنان أيضا ثباتا في أسعار المنتجات الزراعية واستقرارا اقتصاديا أكبر، فضلا عن مساهمة التنويع في الحفاظ على جودة أفضل للتربة والتقليل من الآفات الزراعية.  وفي المحصلة، يشكل التنويع والتصنيع الزراعيين حافزا للفلاح اليمني لفلاحة أرضه والتشبث بها.
-ضرورة التعامل مع الجوانب والآثار الاجتماعية والأخلاقية لأي نمط زراعي، بما لا يقل أهمية عن حسابات الربح والخسارة المالية البحتة.
وفي هذا السياق، من
 
الضروري تثبيت النظام الزراعي المتداخل الذي يعني إقامة العلاقات المفيدة بين مكونات وعناصر النظام.  بمعنى تحديد احتياجات (أو مدخلات) ومخرجات كل مكون من مكونات المشروع الزراعي وبالتالي تحديد كيفية الترابط التكاملي داخليا بين مختلف المكونات. إذ كلما ازداد الترابط بين مختلف مكونات وحدة الانتاج الزراعي قوة، كلما ازداد النظام الزراعي البيئي استقرارا وقدرة على التكيف مع التغيرات الطارئة
-أهمية تشجيع اتباع أساليب المقاومة الطبيعية والعضوية للآفات. 
قبل عشرات السنين، لم يعرف فلاحونا الآفات الزراعية الكثيرة والمتنوعة التي غزت محاصيلنا مع قدوم الزراعة "الحديثة" الى منطقتنا.  ذلك أن الآفات لم تشكل آنذاك مشكلة جدية بالنسبة لهم، لأنهم بممارساتهم الزراعية الطبيعية كانوا يحافظون على التوازن الطبيعي بين الآفات والحشرات الضارة وبين أعدائها الطبيعية.  من هنا تنبع أهمية تشجيع اتباع أساليب المقاومة الطبيعية والعضوية للآفات.  إذ بامكان المزارعين والمهندسين الزراعيين وغيرهم من المعنيين في ممارسة وتطوير تقنيات لحماية النباتات والحيوانات من الآفات، التعلم كثيرا من التراث الزراعي التقليدي الطبيعي والبيولوجي.  إلا أن ذلك لا يعني عدم الاستفادة من العلم الحديث الخاص ببيئات الآفات والأمراض النباتية والحيوانية، وبالتالي تبني تقنيات مناسبة لمقاومة بعض الآفات التي لم تتمكن الأساليب التقليدية من السيطرة عليها.
-اهمية الاخذبتجارب البدائل لزراعية الجارية حاليا بنجاح، في بعض بلدان "العالم الثالث" 
ومن المفيد أن نتعلم من تجارب البدائل الزراعية الجارية حاليا بنجاح، في بعض بلدان "العالم الثالث" (مثلا، في كوبا والهند) حيث تم تطبيق أساليب وتقنيات طبيعية وبيولوجية ثبتت نجاعتها في مواجهة التدهور المستمر في أنماط الانتاج الزراعي غير المستديمة وغير المستقرة التي أدت في الماضي، كما تؤدي في بعض مناطقنا حاليا، الى تآكل متواصل في خصوبة التربة، فضلا عن راتفاع نسبة الملوحة وغير ذلك من أشكال تدمير التربة.  وحاليا فان فلسفة العناية المتكاملة بالتربة في كوبا، تستند الى استخدام الأحياء الدقيقة المثبتة للنيتروجين في التربة والتقليل الى الحد الأدنى من الحراثة وتحسين خصوبة التربة من خلال استعمال المحسنات العضوية والأسمدة البيولوجية والدبال (بما فيه الدبولة الديدانية) وجمع نفايات المدينة ومعالجتها وإعادة استخدامها.  ناهيك عن الزراعة المتداخلة والتنوع والتعاقب الزراعيين والاجراءات البيولوجية المتمثلة بالمحافظة على أو إدخال الأعداء الطبيعيين للأفات، كبعض أنواع الحشرات والطيور والأعشاب.
- اتباع الوسائل  الطبيعية والممارسات الزراعية الشعبية والبيولوجية والميكانيكية
إن اتباع الوسائل  الطبيعية والممارسات الزراعية الشعبية والبيولوجية والميكانيكية، تعني زراعة متوازنة ومستديمة وبالتالي تخفيضا كبيرا في مدخلات الانتاج الخارجية واحتمالية ضئيلة في المخاطرة، فضلا عن الحد من الانبعاث المتواصل للآفات أو توليد مناعة لديها، وبالمحصلة عدم تهديد صحة الانسان والبيئة والتربة.
-العمل الأهلي المكثف على تشجيع ترويج الانتاج الزراعي الطبيعي – العضوي.
كخطوة داعمة للزراعة المحلية (اليمنية) العضوية والبيئية المستدامة، فلا بد من العمل الأهلي المكثف على تشجيع ترويج الانتاج الزراعي الطبيعي – العضوي، فضلا عن المصنع منه، في السوق المحلي، ومنحهما الأولوية في المؤسسات العامة والمدارس والمعاهد والجامعات وغيرها.  وذلك على طريق الاستغناء التدريجي عن السلع الغذائية الكيماوية الأجنبية والمحلية.
-التكامل بين المنظمات  الأهلية الفاعلة في مجال التنمية الزراعية والمجتمعية الذاتية، وبين مراكز الأبحاث ومحطات التجارب الزراعية الرسمية.
من ناحية أخرى، المطلوب نوع من التكامل بين المنظمات اليمنية الأهلية الفاعلة في مجال التنمية الزراعية والمجتمعية الذاتية، وبين مراكز الأبحاث ومحطات التجارب الزراعية الرسمية، وذلك من حيث تبادل المعلومات العلمية والتقنية والتطبيقية بينهما، واستفادة الأوائل من المعلومات العلمية المحددة التي تقدمها الأخيرة، وبالمحصلة تحفيز التعاون والتفاعل بين الطرفين، باتجاه تطوير التقنيات الزراعية المحلية البسيطة والعملية وغير المكلفة، لما فيه منفعة المزارعين، وبهدف إغناء وتطوير تجاربهم ومعارفهم.  علما بأن المنظات الأهلية تستطيع العمل أكثر باتجاه تحديد احتياجات المزارعين ودمج معارف الأخيرين بالنشاط الزراعي العلمي "الرسمي"، بما يتجاوب، بالمحصلة، مع الاحتياجات الفعلية التي تم تحديدها من خلال المزارعين أنفسهم.
-تطبيق التجارب والمعارف الزراعية المحلية التي اكتسبها وطورها مزارعونا القدامى،
ان الزراعة على قاعدة "اقتصاد السوق" والمدخلات الخارجية الكبيرة، قد تم تطويرها في الغرب أصلا، لتتلائم غالبا مع مناخات وأنماط زراعية مختلفة عن منطقتنا ولا علاقة لها بالحاجات الحقيقية لمزارعينا.  وبالتالي هناك غياب في التوجه نحو الموارد والامكانيات المحلية وتغييب للممارسات والتجارب والمعارف الزراعية المحلية التي اكتسبها وطورها مزارعونا القدامى، فضلا عن عدم الاهتمام بالمحاصيل والبذور والحيوانات البلدية.  علما بأن اهتمام البحث الزراعي الرسمي يركز غالبا على دعم المزارعين الميسورين والقادرين على شراء التقنيات والمستلزمات الزراعية "الحديثة"، وبالنتيجة لا يستطيع معظم المزارعين تطبيق هذه التقنيات التي هي أصلا غير مناسبة للزراعات البعلية وذات المدخلات الخارجية المنخفضة.
-تصوئب الا خطاء ومعالجة الاشكالية المتعلقة  بالأبحاث والتجارب الزراعية وظروف الانتاج في مراكز الأبحاث ومحطات التجارب الزراعية .
الاشكالية الجديرة بالمعالجة أن غالبية الأبحاث والتجارب الزراعية وظروف الانتاج في مراكز الأبحاث ومحطات التجارب الزراعية لا علاقة لها بالأصناف المحلية أو البلدية المناسبة أصلا لظروفنا المناخية والبيئي
 
أو أنها لا تمس ظروف المزارعين الفعلية الذين بمعظمهم يتبعون الزراعة البعلية التي تتميز تقليديا بالتداخل والتنوع.  لهذا ليس غريبا أن يفشل العديد من التقنيات التي جربت أو طورت في المحطات أو مراكز الأبحاث الزراعية، حين تطبيقها في الظروف الحقيقية للمزارعين.
-تبادل المعلومات بين المزارعين أنفسهم الذين يواجهون مشاكل متشابهة في المناطق اليمنية المختلفة،
من هنا، فان تطوير البحث الزراعي المحلي الهادف الى النهوض بواقعنا الزراعي، باتجاه بلورة أنظمة وأنماط زراعية مستدامة، يحتاج الى تثبيت ممارسة جديدة لم يعتد عليها الباحثون سابقا، ألا وهي تبادل المعلومات بين المزارعين أنفسهم الذين يواجهون مشاكل متشابهة في المناطق اليمنية المختلفة، وبالتالي تعميم المعارف الخاصة بالتقنيات والممارسات الزراعية التي طورها أو طبقها المزارعون بنجاح في مواقع مختلفة وعلى محاصيل متشابهة.  وفي هذه الحالة تصبح إبداعات المزارع وتجاربه هي محورالعمل البحثي والارشادي وليس العكس.
.
-تشجيع الزراعة البعلية.
والحقيقة أن الزراعة البعلية لدى العديد من مزارعينا  لا زالت، جزئيا، تنسجم مع اتباع النمط الزراعي الطبيعي (التقليدي) الذي يعني بأن تبعية أولئك المزارعين لمدخلات الانتاج الخارجية وللتكنولوجيا الزراعية "الحديثة"، من ناحية الصيانة وقطع الغيار والكيماويات وغير ذلك ليست كبيرة.  لهذا لا بد من تشجيع هذا الواقع الايجابي، عبر تشجيع استخدام الأدوات والآلات الزراعية البسيطة والمصنعة محليا في الحراثة والري والتقليم والحصاد وغيره، فضلا عن تشجيع استخدام الحيوانات.  بمعنى تطوير أو نقل التكنولوجيا المناسبة للزراعات الطبيعية والبعلية.
                                                                                                            باحث اكاديمي