د.عبدالغني علي السبئي
الثلاثاء 14 يونيو 2016 الساعة 05:20
كيف تستطيع اليمن حل أزمة أسعار الدولار مقابل الريال؟ رؤية توضح إستراتيجية الخروج من أزمة الدولار الحالية.
د.عبدالغني علي السبئي
 
 
  إجراءت حتمية مفروض على صناع السياسات الاقتصادية القيام بها سريعاً لكبح جموح   المضاربات والحد من تفاقم  الأزمة
اولا: رفع الحد الأدنى لرءوس أموال البنوك الوطنيةو العربية العاملة بسوق المالية اليمنية، وزيادة فترة حيازتها، وتحويل نسبة ال%20للمساهين الاجانب الى الدولار بدلا عن الريال مما يسهم في زيادة الحصيلةالدولارية للدولة.والاخذ بلاعتبار الاتفاقية الدولية.بازل (2 ) التى اتت كمعالجة لى أثرالأزمة المالية العالمية 2008م  واتفاقية بازل (3) المتعلقة بتطيق الاجرات الاحترازية الجديد للحد من أثر الازمة المالية وتجنب ا لمخاطر. 
ثانياً·الزام البنوك والمصارف ولمؤسسات المالية والشركات المصرفية بتطبيق معايير الإبلاغ.     المالي الدولية للمزيد من الشفافية والافصاح.
ثالثاً-يرفع البنك المركزى اليمني سقف إيداع العملات الأجنبية لمستوردى السلع الأساسية والمشتقات النفطيةإلى 250,000 دولار أمريكى شهريًا، أما بالنسبة للمصدرين، يتم زيادة الحد الأقصى من العملة الاجنبية دولار أمريكى شهريًا لدعم مدخلاتها المستوردة.
رابعاً- من الان يجب على " ادارةالسياسة الاقتصادية" ان تعمل على سيناريوهات مختلفة للموازنة. و تبنى سعر صرف247,5 للدولار الأمريكى فى مشروع موازنتها للفترة المتبقي من السنة المالية الجارية ، 
خامساً-تشديد الرقابة على شركات الصرافة وتطبيق القانون على المخالفين، والعمل على زيادة الحد الأدنى من رأسمال هذه الشركات حتى تندمج الكيانات الصغيرة منها لتسهيل عملية الرقابة عليها.
سادساً-ضبط المتعامل غير الرسمي, حيث أسهم بشكل ملحوظ في خلق طلب مفتعل في ظل محاولات المركزي زيادة المعروض من الدولار.
سابعاً-استمرار التنسيق بين السياسة النقدية الممثلة في البنك المركزي وباقي السياسات، كما تم تطبيقه في إجراءات ترشيد الاستيراد الطرفي.
ثامناً·تغيير هيكل الإنتاج المحلي ليسمح بتصنيع جزئي لمستلزمات الإنتاج تدريجيًا والتي تشكل ضغطًا على النقد الأجنبي..
تاسعاً·البدء في تفعيل منظومة رقابية أكثر صرامة في رصد وحصر تدفقات العملة الصعبة خارج البلاد، مع فرض ضريبة على تحويلات الدولار للخارج لغير الغرض الاستثماري.
عاشراً.تفعيل اتفاقية التعاون المصرفي مع بنك ''أوف تشاينا'' الصيني والعمل لاجل الحصول علي وديعة استثمارية بالعملة الصينية وفتح علاقة تبادل تجارى مع  الأسواق الخارجية في طار المجموعة  الدولية التي تتعامل بالعملة الصينية تدريجيًا لتحقيق تبادل تجاري  بعيدًا عن هيمنة العملة الخضراء، ولكن مع مراعاة المواءمات السياسية بما لا يلحق الضرر بالاقتصاد اليمني اكثر.
استراتيجية الخروج الحالية
تعتمداستراتيجية الخروج الحالية  على نظام سعر صرف من مستويين«تعدد أسعار الصرف فعليا»، والتخلى عن نظام سعر الصرف الثابت، للوصول خطوة خطوة إلى إعادة توحيد سعر الصرف مرة أخرى فى نهاية المطاف ومن خلال تحقيق الخطواط التالية.
اولا- - يقوم البنك المركزى بتطبيق وتنفيذآلية مزاد بيع العملات الأجنبية في وقت متزامن مع  تنفيذ الإجراءات المذكورة سلفاً.
ثانياً -يصبح المبلغ المخصص  للبنوك متناسبًا مع مراكزها المالية من المعاملات التجارية،
ثالثاً -يوجه البنوك لتخصيص غالبية مواردها الخاصة من العملة الأجنبية تجاه المعاملات «ذات الأولوية» والتى تتضمن مستوردى السلع الأساسية «المواد الظرورية
رابعاً- صدورتعليمات من البنك المركزى  في قرار صادر عن مجلس ادارة البنك بشأن تنظيم عمليات الاستيراد،
خامساً -توجه البنوك للحفاظ على هامش للتحوط ضد تقلبات أسعار الصرف، وهو ما يعنى ضمنًا التخلى عن نظام سعر الصرف الثابت ،لان الوضع الراهن للاقتصاداليمني  يفرض سيناريوحتمى يتمثل بأن يتم تحويل نظام سعرالصرف  إلى نظام تعدد أسعار الصرف من مستويين كمرحلة وسيطة.
لمحة تاريخية عن نظام تعدد أسعار الصرف من مستويين.
نظام سعر الصرف المتعدد من مستويين، بالمعنى التقليدى هو وجود سعرين للصرف، بحيث يكون أحدهما خاص بمعاملات الحساب الجارى، والآخر خاص بالمعاملات الرأسمالية.
فى عام 1973، طبقت الحكومة المصرية نظام سعر الصرف المتعدد من مستويين: سعر صرف خاص بالمعاملات الحكومية مقابل سعر آخر فى البنوك التجارية.
 
وفى عام 1979، تم نقل أكثر المعاملات «أى تحويلات العاملين بالخارج» إلى المستوى الثانى من سعر الصرف، فى حين تركت المعاملات الخاصة بالسلع الاستراتيجية ومدفوعات خدمة الديون تتبع سعر الصرف الخاص بالمعاملات الحكومية.
 
وساد هذا النظام حتى تم توحيد أسعار الصرف فى عام 1991 بعد اتفاقيتين مع صندوق النقد الدولى «IMF» والبنك الدولى، وهما برنامج الإصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى «ERSAP» وقرض التكيف الهيكلى «SAL».
لماذا يجب  اعتمد البنك المركزى اليمنى  مثل هذا الاستراتيجية؟
صياغة استراتيجية «الخروج» فى وجود سعر الصرف الثابت هى ممارسة شائعة فى حالات مماثلة لليمن فى الواقع، يبقى تحريك سعر الصرف «الرسمى» للوصول إلى سعر السوق «الحقيقى» هو الهدف فى نهاية هذا الطريق، ومع ذلك، فإن هذا التحول يتطلب اختيار التوقيت المناسب، وكذلك بناء ما يكفى من الاحتياطيات الأجنبية لاستخدامها لكبح جموح المضاربات، يدرك صناع السياسة الاقتصادية تمامًا أن سعر الصرف الثابت لا يمكن أن يستمر، لكننا نرى سببين، لماذا لم يتم البدء فى إجراء تعويم فورى؟ 
أولًا: بسبب عدم وجود تغطية كافية للسيطرة على تعويم الريال، من خلال غطاء كاف لإقناع المضاربين بأن البنك المركزى اليمنى قادر على القضاء على هجماتهم، 
وهو ما لا ينطبق على تدفقات بحجم 500 مليون أو مليار دولار أمريكى من هنا أو من هناك!
وفقًا لذلك، فإننا نترقب أى تدفقات أجنبية، سواء من المؤسسات أو الودائع الدولية او من  خلال رفع البنوك العاملة باليمن لرءوس المال اضافة الى تحويلات المغتربين.
ثانيا: عدم كفاءة شبكة الأمان الاجتماعى الحالية، حيث إن التضخم يسير جنبًا إلى جنب مع تعويم الريال. الوقود والمواد الخام والسلع الوسيطة تمثل أكثر من 80 %من إجمالى الواردات فى العام المالى 2014 - 2015. ونظراً للطلب غير المرن لهذه الواردات، فإن تحقيق سعر صرف رسمى قريب من القيمة السوقية من شأنه أن يضيف المزيد من الضغوط التضخمية تلقائيًا.
فى هذا السياق، نُذكر أن التعريفات الجمركية المفروضة حديثًا على مجموعة واسعة من الواردات، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة «VAT» من شأنه أن يولد أيضًا تحولًا تصاعديًا للأسعار، وفى هذه الحالة يصبح وجود مستويين لسعر صرف الريال بمثابة آلية دعم لأسعار السلع الأساسية. 
وكنظام وسيط فإن وجود مستويين لسعر الصرف يوفر للبنك المركزى اليمني بعض الوقت  الإضافى   للمناورة، وبموجب القواعد الحالية، فإن شريحة واسعة من المجتمع تتعامل فعليًا بسعر السوق.
كما يجب  على البنك المركزى ان يتبع اسلوب المناورة بما يعزيز الثقة بين المتعاملين قي السوق المالية والمصرفية انه ملتزماً وقادراً على توفير العملة الأجنبية بالسعر الرسمى لمستوردى السلع الأساسية، فى الواقع، فإن تعدد أسعار الصرف يسمح باستمرار المضاربة على الرغم من أى قيود وضوابط. ويتمثل خطوه اساسية لتوجه نحو التعامل مع الاسواق الخارجية والحصول على السلع الاساسية بعملات 
غير الدولار الامريكى.كالين الصيني على سبيل المثال.
وبالإضافة إلى ذلك، من حيث تقييم الأسهم، فإن تقييم الشركات سيتم بعد الأخذ 
فى الاعتبار كل حالة على حدة اعتمادًا على النشاط الأساسى لها. 
كما أن المستوردين والمصدرين الذين تندرج معاملاتهم ضمن «قائمة الأولويات» 
فى البنك المركزى اليمني  سوف يستمرون فى الحصول على العملة بالريال بالسعر الرسمى، فى حين أن الآخرين سوف يحصلون عليه بسعر السوق.
 
وتلخيصًا، في حال قام البنك المركزى اليمنى بالفعل بأولى الخطوات  المطلوبة بعيدًا عن نظام سعر الصرف الثابت. 
وفقًا لذلك، فإن قوى السوق ستجد لديها  بعض المساحة لتحديد سعر الصرف، وإن كانت محدودة، فى ظل أن تغيير نظام سعر الصرف لا يحدث فى ظروف مثالية خالية من الاضطراب. 
وبالإضافة إلى ذلك، فإن سعر الصرف هو مرآة لحالة الاقتصاد، ما يعنى أن المزيد من 
الإصلاحات «مثل السيطرة على عجز الموازنة، ووضع إطار وخطط فاعلة لخلق قطاعات انتاجية محليه و توفير وديعة استثمارية والزام البنوك برفع روءس المال  لتعويض لعجز الحاصل ، ويجاداسواق خارجية جديدة لا تتعامل بالدولار وما إلى ذلك» أصبحت واجبة لإعادة بناء المؤشرات الكلية الاقتصاد فى البلد.
وأخيرًا، ونؤكد من جديد وجهة نظرنا بأن التقلبات تظل مصدر قلق صحيح على المدى القصير، ولكن احتمالات الاستقرار الاقتصادى على المدى المتوسط والمدى الطويل مرتفعة إذا نفذت القيادة  الإصلاحات المذكورة آنفًا.       
 
باحث اكاديمي محلل مالي