الرئيسية
أخبار محلية
عربي ودولي
اقتصاد
رياضة
الأسرة
تكنولوجيا
فن
تقارير
تواصل معنا
أحمد طارش خرصان
الثلاثاء 16 فبراير 2016 الساعة 19:48
إب .. مدينة مخْتَلَّة
تضيق إب على أبنائها يوماً بعد يوم ، ونتحول مع مرور الوقت - بحسب توصيف العزيز احمد علي عبداللطيف - إلى ما يشبه رهائن أو سجناء تحت الطلب .
تتضاءل فرص النجاة ، ويصبح الإفراط في التفاؤل مدعاةً للسخرية ، ليس في إب وحدها إنما في الوطن برمته ، غير أن إب تُشْعرك - بخصوصية مفرطة - بكوْنها مدينةً مجتزأةً من جغرافيا عامرةٍ بالموت ، تعيش حياتها بأريحية منْ فقَد عقله ، وكأن ما يحدث لا صلة لها به البتّة .
في إب تجبرك الروائح الكريهة المنبعثة من خيالات المؤمنين - جداً - والممتلئين بالورع على الرضوخ لأحقادك وضغائنك ، والبحث عمَّا يمْنحك النجاة ومغادرة جُحْر الضَّب الذي أدخلك فيه الأوغاد ، ويجعلك في منْأَى من أن يطالك المتّشحون بالوطنية والكرامة والمتسربلون بالتقوى والإيمان .
الكتابة عن الحوثيين أضحتْ عملية شاقةً ، وتكاد تكون عملية تكرار مستهلكة ، بعد أن أستطاعتْ هذه الجماعة - في فترة زمنية وجيزة - إلتهام كل ما بحوزتنا من توصيفات ونعوتٍ ، صار من غير اللائق - مثلاً - العودة إلى تلك التوصيفات السابقة ، أثناء تناول سلوكيات هذه الجماعة وممارساتها ونتائجهما على المستويين العام والشخصي .
في إب تصبح الحياة عرضة للتكهنات المملة ، والمليئة بالإدهاش والمتعة ، متعة أن تظل جاهزاً للإستجواب والإدانة في مدينةٍ ، لا يجد البعض حرجاً في أن يطلق عليها - وبإسلوب مجازي فضفاض - مدينة السلام والتسامح ، في تجاوزٍ غير بريء لكل ما يحدث ويُمارس ضدّ أبنائها ومواطنيها ،
وكأن على إب - كي تنعم بهذا التوصيف - أن تنحنيَ لهمجيات الأوغاد والنفايات القادمة من إغفاءة التأريخ ومنابع الشّرّ الأولى .
لا أحد يحب الحرب ، لكن السلام وفق هذا المنطق يظل أعوجاً وكسيحاً ، إذْ لا يمكن لهذه الصيغة المشوهة أن تصنع سلاماً حقيقياً ، بقدر ما تصنع حالةً من العبودية والإمتهان والإذلال ، قدْ تنجح - فقط - في منْح القاتل المزيد من المشروعية لأن يُعْمِلَ سوطه وآلة عنفه في الضحية .
يضع الحوثيون شروط ذلك السلام ومحدداته ، وليس على إب سوى إلتقاط هذه المكرمة ، واغتنام الفرصة التي قلّما يمْنحها الحوثيون - وهم يقاتلون إلى جوار الله - أيَّ مدينةٍ وطِأَتها أقدام مسيرتهم القرآنية ، فيما يذهب المتخمون بالخلل إلى الإعلاء من قيمة السلام والتسامح ، كيْ يتمكن المحافظ المُعَيَّن من قبل الحوثيين الشيخ عبدالواحد صلاح من القيام بواجباته ومسؤولياته في مدينةٍ ، تشعر اليوم أنّ ثمّة منْ هوَ أحقّ منها بالشّفقة والتضامن .
أفكّر في الذي دفع بالشيخ عبدالواحد صلاح لتَقَبِّل ما هو عليه الآن ، كرجلٍ خانتْه الكياسة وأفْقَدَتْه الحنْكةُ القُدْرةَ على التماسك ، والحفاظ على الصورة التي عرفته إب بها إبان ثورة ٢٠١١م العظيمة ، ولعل المدينة وهي تحاول ابتلاع همجيات الحوثيين وممارساتهم ، لا تجد ما تدفع به عن الشيخ عبدالواحد صلاح هذا المآل الصَّادِم والمُرَوّع .
أظهرتْ إب الحالة غير السوية للحوثيين وحلفائهم ، وكشفتْ وضعية الحوثيين المختلة والمرتبكة ، وتمَكّنتْ بموائدها العامرة وغنائمها من تجريد الحوثيين من شعاراتهم ، وأجبرتهم - ببرودة أعصاب وهدوء قاتلٍ - على الإفصاح عن أنفسهم كعصابة لا تجيد سوى السطو والنهب ، ولعل من المفيد أن نذكر ما حدث في لجنة الحوثيين الثورية وتبادل الإتهامات بالفساد بين اللجان الثورية المتعاقبة ، ومشرفيهم منذُ وطأتْ أقدامهم إب وحتى اليوم .
يذهب الكثير من دعاة السلام في إب - وجلُّهم من قيادات السلطة المحلية وقيادات مزدوجة الولاء - إلى إعتبار التغييرات التي حدثت في بعض الجهات الأمنية ، وإستبدال مشرف الحوثيين وإعادة تشكيل اللجنة الثورية - لثلاث مراتٍ - إنجازاً وتفوّقاً للشيخ عبدالواحد صلاح ، كمحاولة يرمي مروجوا هذا الإنجاز إلى تبرئة ساحة المحافظ ( المُعَيَّن ) وإعفائه من تبعات ما يحدثُ في المحافظة برمتها ، وإقناع الجميع بمدى وحجم المواجهة التي يخوضها الشيخ عبدالواحد صلاح ضد ما يمارسه الحوثيون ويقومون به ، وكأن قرار تعيين الشيخ عبدالواحد صلاح محافظاً لإب ، صدر من جهةٍ ما...... لا من اللجنة الثورية التابعة للحوثيين .
قبل وقتٍ ليس ببعيدٍ ، أنْهى الشيخ عبدالواحد صلاح وبنجاحٍ مهمته في إسقاط آخر قلاع المشترك الحصينة ، وأستطاع بقرار شجاع من إقتحام هذه القلعة ، وإقالة مديرعام مديرية حبيش العزيز أمين عبود الشراعي ، بعد أنْ أقال مديري عموم مديرتي السبرة ومذيخرة العزيزين معاذ الجمال ومنصور الحاشدي ، في إجراء ربما يعزز - بحسب ما يُرَوَّج له - دور الشيخ عبدالواحد صلاح ، في رأب الصدع وخلق فرص سلام ، ستكون - حتماً - بمقاسات حوثية صرفة.
الحديث عن قانونية الإقالة من عدمه ، أمرُ لا طائل منه في ظل وضعية مختلة ، لمْ تدفع أحد وكلاء المحافظة لأن يقف ضدَّ هذا التوجه ، الذي نال وينال من قوانين الخدمة المدنية والوظيفة العامة - بحسب تصريحاته السابقة إبان حكومة الوفاق - بقدر ما دفعته للتواطئ مع هذه الممارسات ، والإكتفاء - على نحو خجول - بالقول : إن عملية الإقالة تمّتْ بقرارٍ سياسيٍ محض .
لا أشعر بالدهشة ولا بالصدمة إزاء ما تعرض له ( المقالون ) من أعمالهم ، بالقدر الذي يشعرني بالطمأنينة من أنهم ( المُقالون ) ، لم يكونوا أداةً طَيِّعَةٍ في أيدي الميليشيا ، كنتيجةٍ حتمية لتعارض من يؤمن بالدولة ، ومن يؤمن بشريعة الغاب والعنف والسمو السلالي والمذهبي .
لا أدري كيف سيتمكن مزدوجوا المواقف في قادم الأيام ، من ترميم الصورة السيئة التي ظهروا بها أمام مدينةٍ ، تشعر اليوم أنّ عليها تقديم الشكر للحوثيين على جميل صنيعهم وفرادة إنجازهم........
ذلكم الإنجاز الذي منَحَ المدينة فرصة الإقتراب من الخطأ ، وهو يعتلي هرم أجهزة السلطة المحلية وبثوبٍ ميليشاوي ، لا يجد حرجاً في أن يتحسس - كذباً - إنسانيته ، ويدعُو - دونما خجلٍ بعد كل الذي حدث - لأن تكون إب مدينةً للسلام والتعايش .
|
أخترنا لكم
الأكثر زيارة
|