الرئيسية
أخبار محلية
عربي ودولي
اقتصاد
رياضة
الأسرة
تكنولوجيا
فن
تقارير
تواصل معنا
عبدالله فرحان
الجمعة 29 يناير 2016 الساعة 01:06
أقدامٌ خشنةٌ عَلَى طَرِيقِ الحَرِيرْ
انتهت زيارةُ الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى المنطقة، كانَ مقرراً أنْ تكونَ الزيارةُ في أبريل من العام المنصرم، وأنْ تقتصرَ على السعودية ومصر لولا اندلاعُ الحربِ في اليمن، ومع أنَّ هذه الزيارة افتتحتْ طريقَ حريرٍ واسع في المنطقة، فقد افتتحتْ أيضاً نقاشاً مهماً عن الخارطة الجديدة للشرق الأوسط، بعدَ أيامٍ مِنْ رفعِ عقوباتٍ غربيةٍ على إيران، والإفراج عن عشراتِ الملياراتِ من الدولاراتِ الإيرانيةِ المجمدة.
وقَّعَ الصينيون اتفاقياتٍ حيويةٍ وطموحةٍ مع المملكةِ العربيةِ السعودية، ومع جمهوريةِ مصرَ العربية، لكنَّ ما تمَّ إبرامه منْ اتفاقياتٍ صينيةٍ إيرانيةٍ طغى على ما سبقها، فقدْ تمَّ توقيع (١٧) اتفاقيةٍ ضخمة،ٍ تشملُ مجالاتِ تعاونٍ تكنولوجية وعسكرية وثقافية واقتصادية، وتهدف إلىْ تحقيق شراكةٍ استراتيجيةٍ بين أمتين صاعدتين، تجمعهما العديد من القواسم المشتركة، وتسعيان إلى رفع حجم التبادل التجاري في غضون سنواتٍ عشرٍ قادمةٍ إلى ٦٠٠ مليار دولار.
لقرونٍ عديدةٍ تدفَّقت القوافل التجارية محملةً بالبضائعِ الصينيةِ النفيسةِ إلى أوروبا وأفريقيا وغرب آسيا مروراً بإيران، فيما عادت تلك القوافلُ بالذهب إلىْ الصين التي امتلكتْ نحوَ نصف ذهب العالم آنذاك، يسعى الصينيون اليوم لإحياءِ طريقِ الحريرِ مجدداً، وهم يدركون جيداً الدور الذي يمكن أنْ تلعبه إيران؛ ليس كنقطة اتصال جغرافي واقتصادي للصين مع العالم فحسب، بل كضامن لوصول إمدادات الطاقة ولما تتمتع به إيران من نفوذٍ قويٍ في الشرق الأوسط ووسط آسيا.
أعلنَ الرئيس "بينج" تأييد الصين مساعي إيران للحصول على العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون، يتحدَّث مستشارُ الأمنِ القومي الأمريكي السابق "بريجنسكي" عنْ أهميةِ إيران الجيوستراتيجية لأي تحالف روسي صيني في وجه الهيمنة الأمريكية المطلقة، كان على الغرب أنْ يتجاوز حالة القطيعة مع إيران، وأنْ يتَّجه لبناء شراكةٍ حقيقيةٍ معها من واقع النفوذ الإيراني في أهم مناطق الطاقة في العالم (الخليج العربي وحوض قزوين).
اليوم .. يضع الإيرانيون أيديهم في أيدي الروس والصينيين، لكنَّ أبصارهم صوبَ التكنولوجيا الغربية، تنشطُ حركةٌ كثيفةٌ بين طهران والعواصم الأروبية، ويَتَوَجَّه الرئيس "روحاني" إلى أوروبا - تحديداً إلى إيطاليا وفرنسا - رُفقةَ وفدٍ كبيرٍ من الساسة ورجال الأعمال، وطموحٍ إيرانيٍ نحو توطين التكنولوجيا الأوروبية لإحداث تنمية صناعية، وإنعاش مشروعات حيوية بما في ذلك تحديث شبكات النقل والأسطول المدني.
قبلَ أكثرَ من عامين تحدَّث مرشح الانتخابات الرئاسية الإيرانية "حسن روحاني" عن أولويات برنامجه الانتخابي، تحدَّث حينها عَنْ "إنقاذ الاقتصاد"، وعنْ ضرورة "التفاعل مع العالم"، ذاتُ الأمر تحدَّث عنْه "روحاني" الرئيس في خطابٍ متلفزٍ عقب التوقيع التاريخي على الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست، واصفاً الاتفاق بأنَّه "نقطة انطلاق" لبناء الثقة بين إيران والغرب، بعدها زارت مفوضة العلاقات الخارجية الأوروبية "فيديريكا موجيريني" طهران، وتطلَّعت إلى تاريخٍ جديد مِنَ العلاقة مع إيران.
لسنواتٍ خلت، رُهِنَتْ العلاقات الإيرانية الأوروبية بالعديد مِنَ القضايا الشائكة، وفيما صَرَّح مقررُ الأمم المتحدة "أنَّ إيران بَدَتْ أكثر انفتاحاً لبحث ومناقشة حقوق الإنسان"، تتحدَّث إيران اليوم عَنْ انجازاتٍ في مجالاتِ حقوق المواطنة ومكافحة المخدرات، وهي تقدِّمُ ذاتها كشريكٍ إقليميٍ قويٍ في مواجهة إرهاب داعش وتنظيماتٍ متطرفة أخرى.
يحفظُ الإيرانيون درسهم جيداً، فيما يستغرق العرب في صراعاتهم وشكواهم، التصريحات المتشنجة ضد إيران لنْ تمنحنا الفرصة لمنافستها في الوضع الإقليمي الجديد، صحيحٌ أنَّ على إيران أنْ تتعامل بمسئولية أكبرٍ، وتتوقف عَنْ خلق المشكلات في المحيط العربي، إلا أنَّ أمامنا الكثير مِنَ الدروس لاستيعابها؛ تماماً بقدرَ التحديات التي تواجهنا.
يبدو التواضعُ كفيلاً بمعالجة كثيرٍ مِنْ الكوارثِ التي أنتجها عنادُ العرب، وبقدر حاجتنا إلى التصالح مع الذات، تبرُزُ الحاجةُ إلى تمكينِ لغةِ المصالح مع الآخر، وهو ما يستدعي توفر بنية بحثية ومعرفية تُسهِم في تنمية القوة في علاقاتنا الإقليمية والدولية، والاستثمار في الثقل الجغرافي والاقتصادي والثقافي للمنطقة التي لا زالت بعيدة عن عالم اليوم.
|
أخترنا لكم
الأكثر زيارة
|