أحمدعثمان
السبت 31 اكتوبر 2015 الساعة 22:59
بائع الشاهي في مدينة الموت
أحمدعثمان
محمد الحميدي رجل في الأربعين يتحدث اليوم وهو يبكي؟! وأنتم تعلمون ماذا يعني بكاء الرجال !!
 
اليوم شعرت بحجم المأساة وثقل الجريمة على روحي يقول الحميدي
 
شاهدت في المستشفى (ريم) طفلة الثمان سنوات تقريبا وهي تصرخ ومعها يتقطع قلبي (قتله ماقتلني ....موبي مو يوجعني ..قتله ماقتلني )
 
(ريم) مثل كل أطفال تعز لا تستحضر سوى القتل والقاتل؛ ويستطرد الحميدي: حضر ت صور وفجيعة كل أطفال تعز الى ذهني
 
(ذهبت الى صاحب الشاهي طلبت واحد شاهي.. أعطيته خمسمائة ريال وقلتوا له سأذهب أشتري واحد( روتي) وأعود لأفاجأ ببائع الشاهي يستوقفني ويقول ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري اسألك بالله لورجعت ومهلناش أن تسامحني )
 
- ليش يا أخي تقول كذه؟
 
-ياخي انت ترى كيف يموت الناس وكيف تتساقط الصواريخ والقذائف؛ الموت بكل ملوى وكل زغط)
 
هؤلاء الكبار فكيف بأطفال المدينة..؟
 
عدت ووجدت الرجل سالما لكنني لم أعد أنا سالما.. يقول الحميدي؛
 
فمارأيتُ وسمعتُ هدني و أظهر أمامي بشاعة الجريمة وخيم في نفسي الحزن والغصة سألت صاحب الشاهي الذي يرى الموت بكل( ملوى وزغط).. يا اخي خلاص ايش رائيك نقول للمقاومة تستسلم أحسن حتى ينتهي الحصار والقذائف والموت ؟؟
 
كان سؤالا استكشافيا ومعبرا عن حزن ويأس اللحظة
 
لكن المفاجأة الأكبر والكلام مازال للحميدي أن صاحب الشاهي الذي بدأ مستحضرا للموت يلتفت نحوي غاضبا :
 
هذا الكلام تقوله أنت يا أستاذ ؟ الله المستعان..!
 
لن نستسلم والمقاومة كرامتنا وكرامتنا لاتستسلم ولاتموت؛ الموت حق على الصغير والكبير سيأتي اليوم والا بكره ..
 
والله إنني رغم الحصار والقصف وأنا أحس من داخلي أنني إنسان وأننا (أوادم) ... ويستمر (بائع الشاهي) بالحديث بإسم المدينة المحاصرة كقائد في معركة فاصلة :
 
بالمقاومة شعرنا بقيمتنا وبها سننتصر ولن يكسرونا هؤلاء الهمج الجبناء؛ واللي يموت الله يرحمه..(شهيد) !
 
أموت مرفوع الرأس يفخر بي إبني وبن إبني ونبني للأجيال دولة وكرامة ... كفاية التشرد داخل الوطن.. !
 
وكأن الرجل يعي أن المعركة التي تخوضها المدينة هي معركة تطهير وطن المستقبل.
 
هؤلاء المتعاركون مع النار.. المبتسمون وسط الركام
 
(الداعسون ) على عنق الموت
 
وحدهم من سيطهر اليمن من (القيح) المتسرب من أزمنة السوء ومن( صديد) الأيام الغابرة.. بكبرياء دمائهم وصمودهم يصنعون مستقبل الف عام؛ ويمسحون عار الف عام.